الاثنين، ديسمبر 28، 2009

قضية الاغتراب و الوطن

الاغتراب ... مرض نفسي ... ام ظاهرة افرزها الخلل الاجتماعي؟

هل يتعامل معه الفرد بالهجرة فقط ام هناك اشكال اخري للتعامل معه؟



الاغتراب ظاهرة نفسية خطيرة يصاب بها الفرد داخل الجماعة سواء كانت تلك الجماعة مؤسسة تنظيمية او وطن، وللاحساس بالاغتراب اسباب كثيرة ومتعددة ومتواجدة في كل المجتمعات نتيجة لاحتمال وجود اختلاف او تعارض بين اهداف الفرد الشخصية واهداف الجماعة او ثقافة الفرد وثقافة الجماعة في حالة عدم وجود برامج او وسائل او نظم اجتماعية قادرة علي مساعدة الفرد في التكيف مع الجماعة واستيعاب ثقافتها ومساعدته علي تحقيق اهدافه الشخصية وخاصة اذا كانت اهداف اساسية للحياة كاهداف المسكن والمشرب والمأكل والتعليم والصحة والامن والمحافظة علي الحقوق، مما ينتج عنه فشل الفرد في التفاعل مع المجتمع ، وما ينتج عنه من الاحساس بعدم الرضا عن المكان والزمان والاشخاص وربما الذات نفسها .
في هذه الحالة يكون الانسان في حيرة وصراع بين رؤيته كفرد وبين رؤية المجتمع كافراد ، ولا يستطيع اصدار الاحكام الصحيحة علي المواقف الحياتية ، لانه يري الاخرين خطاء والمنطق الصحيح انه من الصعب ان يكون هو الوحيد المصيب. .. وهناك منطق اخر يكمن في كون المجتمع مصاب بالفردانية بمعني انه لا يجتمع علي هدف واحد او سلوك واحد ، بل لكل فرد رؤيته وسلوكه الخاص والفردي ، الا ان المغترب يراهم جميعا مخالفين له دون التدقيق في طبيعة اهدافهم.
ان تكرار حالات الصراع بين ما يراه الفرد صواب وما يراه المجتمع خطاء والعكس ، تصيب الفرد بحالة من فقد الامل في تلاقي الاهداف والرؤية بين الفرد والمجتمع ، وبالتالي يفقد الفرد الامل في غد افضل وتقل احتمالية تحقيق الفرد لاهدافه وطموحاته في هذا المجتمع وكذا تقل دافعيته للتفاعل الاجتماعي والانتاج وبذل الطاقة نتيجة لخبراته المكتسبه والمتكررة الفاشلة ، ويفتقد المغترب للامن والامان لشعوره المستمر بان نتائج تفاعله ستكون من وجهة نظر الاخر مخالفة وخطاء ولو بنظرة تعجب وعتاب او سخرية او حتي تعرضه للعقاب .
لايمكن لانسان عاقل ان يستمر في الحياة بدون امل او دافعية وبدون تفاعل وبالتالي ستكون حركته في الحياة خارج الاطار الاجتماعي المتفاعل وسيتحول الي فرد انسب ما يقال عنه (منغلق) ان لم تتولد لديه دافعية عكسية للرد وتغيير المجتمع والتأثير فيه بما يتوافر له من وسائل والتي قد تكون في بعض الاحيان واغلبها عدائية بقدر شعور الفرد بعداوة المجتمع له وبقدر قوة المجتمع الرافض للتغيير .
هذا الفرد المغترب هو مسؤؤل عن اخرين (اب – جد – زوج – اخ ...الخ) (جيل كامل جديد) لم يمارس تفاعله الحر مع المجتمع بعد ، هذا الجيل يسير ويتعلم ويري بعين (ولي امره) المغترب، وهذا الاب المغترب لايري في المجتمع امل في غد افضل وله خبرة كبير في هذا المجال ، هذا الاب يخشي علي اولاده او من تحت وصايته من ان يلاقوا نفس نصيبه من الاغتراب المصحوب بالفشل (ولو فشل نفسي فقط الا انه يحدث الم).
كل ما سبق قد يحدث وهو متوقع ، الا انه يستدعي مع اسئلة كثيره ، علي سبيل المثال:
1- كيف سيستجيب الفرد لهذا الشعور بالاغتراب؟ هل بالسلبية وترك من هم تحت رعايته عرضة لخوض نفس التجربة وبحسب قدرهم وحظهم؟ هل بتمثيل دور المتكيف مع الاوضاع ؟ هل بالهجرة خارج الوطن ؟ هل بالانغلاق علي نفسه واسرته؟ هل بسلوك معادي للمجتمع ؟ هل بالانتحارنتيجة للاحباط والتوقف عن التفاعل الاجتماعي ؟ هل بالتخبط والاستسلام للواقع ؟ هل بالسلبية واللامبالاة؟
2- ما هو دور المجتمع في التعامل مع الاغتراب وتوقعه ؟ ومن هم المسؤليين عن التعامل مع الاغتراب؟
3- هل المغترب يعتبر خائن او لامواطن او اناني لانه لا يري الا اهدافه ولا يقبل الاستكانه والتضحية في سبيل المجتمع مع وضع في الاعتبار احتمال فساد النظام الاجتماعي ؟ هل يلفظه المجتمع والوطن لانه غير متفاعل ؟ هل هناك طرق ووسائل يمكن للمجتمع استخدامه لمحاربة هذا النوع من الامراض النفسية والمؤثرة بصفة مباشرة علي عقيدة الانتماء؟
4- ما هي الاسباب الاساسية للاغتراب في اي مجتمع؟
اسئلة كثيرة تطرح نفسها مع قضية الاغتراب ولا يمكن مناقشتها او عرضها في تلك السطور القليلة، الا انها تستحق البحث والدراسة ........... هل المغترب ضحية نظام ام حالة نفسية فردية ونادرة؟
انها مقدمة او بذرة لمقال لم يكتمل...... مجرد خواطر

ليست هناك تعليقات: