السبت، يونيو 03، 2006

بعض الامراض والظواهر الاجتماعية وعلاقتها بالمنهج الاجتماعي و الرقابة

بقلم : اسامه قراعه
بعض الامراض والظواهر الاجتماعية :
يمكن تقسيم هذه الظواهر الي ظواهر اخلاقية وظواهر ثقافية وظواهر اقتصادية ومن المسمى يتضح ارتباط الظاهرة بالمؤثرات الاجتماعية المثيرة لدافع الانحراف السلوكى بالمجتمع الا ان هذه التقسيمات تبعد بالقارئ عن وسائل واساليب علاج الظاهرة لان الانحراف السلوكى هو ناتج خلل تطبيقي في المنهج الاجتماعي وعلاجه لا يتم الامن خلال تطوير المنهج الاجتماعي ككل ووضع الخطط المناسبة لعلاج الظواهر ومن هذا فالتعرف علي الظواهر يجب ان يتم عن طريق دراسة شاملة لجميع المؤثرات والدوافع الفردية والاجتماعية المرتبطة بالظاهرة وكذلك جميع الخبرات المكتسبة والوسائل والنظم المخططة لضبط والسيطرة علي السلوك المرتبط بالظاهرة وبمعني اخر يجب دراسة الظاهرة والبيئة المحيطة بها والمنهج ككل .وعلي سبيل المثال
الطلاق
وقد تكون تلك الظاهرة ناتجة من الحالة الاقتصادية او بفعل المثيرات الاخلاقية او بفعل الحالة الثقافية او الحالة العقائدية او الحالة الامنية ....الخ وبالطبع علم الاحصاء والدراسات الاجتماعية قادرة علي اعطاء معدلات واماكن تواجد الظاهرة في المجتمع... وايا كانت المثيرات والدوافع والدلائل الاحصائية يجب ان ننظر للظاهرة من منظور ارتباطها بالمجتمع واهدافه .... فهذه الظاهرة مرتبطة ارتباط وثيق بعنصر من عناصر المنهج الاجتماعي وهو الدور الاجتماعي الذي تسعي جميع المجتمعات لتاهيل افرادها لممارسته بنجاح لتحقيق امال المجتمع .... وعندما يفشل هذا الدور كحالة فردية يعتبر انحراف عن توقع المجتمع واهدافه وعندما تتعدد الحالات تصبح مرض سلوكى وعندما تتعدد وتتكرر تعتبرظاهرة اجتماعية كما سبق وعرفنا الظواهر الاجتماعية ... وهنا ننظر لاسباب الظاهرة كما قدمتها لنا الدراسات الاحصائية ولنفرض اان الاحصائيات اوضحت ان الظاهرة تتواجد في المسلمون وتزداد كلما ارتفعت الحالة الاقتصادية ومنتشرة في العاصمة واسبابها اختلاف الطباع والتعليم بين الزوجين واختلاف الرغبات والتوجهات وخلل اخلاقي وعدم التوافق في العلاقة الجنسيه وبخل الزوج وانحراف الزوج وصعوبة الاقامة مع احدي الوالدين وتدخل الغير بالمشاكل الزوجية ووووو.....الخ كل هذه المعطيات ليست الا محددات لوضع خطة لتقويم الظاهرة وعلاجها ولكن كيف يتم العلاج ؟؟
طالما نحن بصدد ظاهرة مرتبطة بالسلوك الاجتماعي او الفردي يجب ان نضع في اعتبارنا ان السلوك ما هو الا حركة تعبيرية تصدر من الفرد كاستجابة لمثير ما و تتحكم فيها مجموعة من الخبرات المكتسبة او هي رد فعل لفعل معين وفق لخبرات الفرد المرتبطة بالفعل نوضحها اكثر بالمثال اذا دخلت اذا صادفك غريق وانت سباح ماهر فقد تهب لانقاذه كرد فعل طبيعي تحكم اختيارك السلوكى خبرتك السابقة في مجال السباحة ... وان لم تكن لديك تلك الخبرة كان من الممكن ان يكون رد فعلك هو سرعة طلب المساعدة .. وان كنت سباح ولست ماهر في الانقاذ ولك تجربة سابقة كادت تردي حياتك فاكتسبت منها خبرة سلبية بعدم التدخل مرة اخرى في مثل تلك المواقف ايضا يكون رد فعلك هو طلب المساعدة ..اذا رد الفعل السلوكى او الاستجابة السلوكية تتفق مع قوة الخبرة المرتبطة بالموقف والمحركة للدافعية .
وبالعودة للسلوك المرفوض وهو الطلاق يجب ان ننظر له عل انه رد فعل او استجابة لمثير ما وفق لخبرة سلوكية تحكمت في توجيه الدافعية لاتخاذ قرار هذا السلوك .... ومن هنا نلاحظ ان جميع حالات الطلاق لابد ان تشترك في تلك الخبرات المكتسبة والمحركة للدافعية لاتخاذ هذا القرار ويكون السؤال الاهم والفاصل هو اين ومتي اكتسب الفرد تلك الخبرة القوية القادرة عل اتخاذ هذا القرار؟ وبالبحث ربما نجد بعض الاجابات المحددة مثل من خبرات الاخرين المسموعة في الحالات المشابهه او من الاجتهاد الشخصي او... او... الا اننا لن نجد خبرة سلوكية واحدة يكتسبها الفرد من خلال المنهج الاجتماعي ايا كان المجتمع تدفع الفرد الي الزواج والطلاق !!!!!!!!!!!!!!!!!
سوال اخر متى يتم الطلاق ؟ الاجابة بعد الزواج ..... كيف يتم الزواج ؟ الاجابة بطرق عديدة ....هل تم قياس الاستعداد والقدرة للزوج والزوجه وهل تم تاهيل الزوج والزوجة لممارسة الادوار الاجتماعية المترتبة علي الزواج تاهيل كافي لاكسابهم الخبرات اللازمة لممارسة هذه الادوار بنجاح ؟؟؟؟؟ لاننا هنا وبكل بساطة في حالة فشل دور اجتماعي !!!
وليس المقصود بهذا السؤال هو ان يلتحق كل فرد يريد الزواج بمعهد تعليم زواج او ماشابه ذلك رغم انه ان استطاع المجتمع انجاز ذلك فلا ضرر. الا ان المقصود ايضاحه هنا ان دور الزوج والزوجة هو دور حيوى واجتماعي وغريزى فلابد اذا اراد المجتمع ان يستفيد به ان يوهل الافراد تاهيل كافي له .... ولنفرض فرض اذا استطاع المجتمع تعليم افراده عدم ربط الاشباع الغريزى بالزواج بمعني الا يكون الهدف من الزواج الاشباع الجنسي لانه اولا واخيرا فهو موقت وزائل وعلم الافراد متطلبات الحياة الزوجية بمعني الحقوق والواجبات وعلم الافراد متاعب الحياة الزوجية ومشاكلها المتوقعة وعلم الفراد مميزات الزواج وكيفية التمتع به وعلم الافراد كيفية التخطيط والتوقع واتخاذ القرارات المرتبطة بالحياة الزوجية ....... ثم علمهم الاسس العلمية لاختيار الزوج والزوجة وتوقع التوافق بينهم واساليب تحديد وقياس واختبار الصفات المطلوبة او المرغوبة في الزوج والزوجة واتاح لهم الفرصه والوسائل اللازمة للتعرف علي الخبرات السلوكية المكتسبة من مشاكل الاخرين وعلمهم اسس اتخاذ قرار الزواج بحيث لايكون القرار مبني علي اندفاع عاطفي اوغريزى او مادي اوعائلي فقط ويتغاضي عن باقي مكونات اتخاز القرار .... ويعلمهم كيف تبداء فترة الاختبار بعد الزواج والتاقلم والتالف واعتبارها الفترة الوحيدة التي من الممكن او يجوز فيها الطلاق لان بعد تلك الفترة سينتقل كلا منهم الي دور الابوة والامومة وفي حالة الطلاق سيظلم بينهم اطفال وكذا قرار الانجاب له توقعاته واستعداداته ومسؤلياته ...... الخ ومن هذا الفرض اذا توصل المجتمع الي هذا المفهوم وقام بتاهيل افراده قبل سن الزواج بوقت مناسب واكسبهم الخبرة اللازمة وفرض ولو اختبار او حضور محاضرة او شهادة تاهيل لدورة قصيرة او فرض علي كل ماذون بعض الكتيبات المسموعة او المقروه يصرفها لطالبى الزواج والتاكد من قراءتها او سماعها ....... لن نجد بعد اكتساب تلك الخبرة من اكتشف بعد الزواج والانجاب بان زوجته مصرفة او هو بخيل او نسمع من احد انا لم اكن اتخيل ان وزنها زاد هكذا او اصل شكلها تغير او هى مش قادرة تعيش مع ماما كل هذه الاسباب ستختفي لان كل اثنان راغبين في الزواج لهم مسؤل او اخصائي اجتماعي او ناصح او مرشد يجلس معهم ويسألهم ماذا سوف يكون قرارك اذا اكتشفت او اكتشفتي انه او انها ..بخيله ,مصرف, ضعيف, قوي , تخين, رفيع , فقير, غنى ,,, ؟ كيف تتاكد انها او انه سيكون كما تتمنين ؟ بحيث يخلق لديهم الدافعية لتخيل المستقبل والتخطيط له واتخاذ القرار بعيد عن اي مؤثرات او دوافع عاطفية مسيطرة كالحب والجمال والغني والحسب ورغم ان هذه الدوافع مطلوبة الا انها لايجب ان تكون المتحكم الوحيد في القرار ولذلك علي المسؤل عن اتمام العلاقة الزوجية القيام بدور الناصح بمعني ان يتعرف علي اكثر الدوافع التي تدفع كلا الزوج والزوجة الي اتخاذ قرار الزواج ثم يسأل ماذا اذا اختفي هذا الدافع ويحفز الفرد علي تخيل الوضع وتخيل القرار .
وبذلك وفي ظل هذا الاهتمام بالدور واحساس الفرد باهتمام المجتمع الايجابي به ولصالح مساعدتهم في تحقيق اهدافهم وتمتعهم بالدور وحتي ان تم الزواج سيكون قرار الانجاب مؤجل لحين التأكد من تمام التوافق ولن يترك ايا منهم نفسه فريسة لتقاليد او اعراف هدامة مثل الربط بالعيال وقصقصة الريش وما الي ذلك .
ولا يمكن حسم الوضع في هذا التاهيل وفقط لان الاختلاف والطلاق وارد ولاشك وكذا تغير الطباع والصفات البشرية الا ان هذا التاهيل الاجتماعي من شأنه تقليل الخسائر المترتبة علي ظاهرة الطلاق كما من شأنه انهاء الظاهرة وتحويلها الي حالات فشل متوقعة اجتماعيا ومتناسبة مع المعايير الاجتماعية كما من شأنه تقليل عدد الافراد المتضررة من حالات الطلاق .
وليس التاهيل فقط هو العنصر الفعال لعلاج الطلاق بل ايضا القوانين والضبط الاجتماعي والسيطرة الاجتماعية وعلي سبيل المثال وليس الحصر يلجاء الكثير من الرجال للتعدي علي زوجاتهم بالضرب حتي تصبح عادة وبطبيعة الحال لا يلجاء الزوجة للشرطة لعدة اسباب اما انها تتحمل حتي لا يهان زوجها في قسم الشرطة وتنتهي المسألة بالطلاق واما انها لا تثق بفاعلية الجهاز الشرطى نظرا لخبرتها المكتسبة سابقا واما انه هو العائل الوحيد لها وهذا الفعل يحرمها من اعالتها وليس هناك قانون فورى لاجبار الزوج علي اعالة الزوجة ..... وهناك العديد من الاسباب التي من شانها تحويل الانحراف السلوكى للزوج الي مرض سلوكى تستحيل معه العشرة وبالطبع الحال نفسة مع الزوجة وكذلك الاولاد لا يوجد قانون يحمي الطفل من والدية اذا انحرفوا سلوكيا ولا يوجد قانون يجبر الاب او الام علي رعاية الطفل وتحمل مسؤلية اخطائه وعلي سبيل المثال اذا سرق طفل سيارة والده واصتدم باحدي الافراد او احدث تلفيات عامه فالاب والام غير ملزمين قانونا بدفع التعويضات او اذا ضبط طفل يتعاطى مخدر فالاب والام او ولي الامر لا يسأل عن اهماله وتقصيرة في تاهيل لهذا الطفل وكل هذه الانحرافات والعيوب المنهجية هي احدي اسباب تكون الظواهر الاجتماعية وكذا هي نفسها سبيل العلاج .
الدروس الخصوصية
وظاهرة الدروس الخصوصية هي ظاهرة ايجابية بالنسبة للفرد تدل علي اهتمام الفرد باكتساب الخبرات العلمية اللازمة لحياته وتقويتها والبحث عن مصادر ووسائل المساعده التي تحقق له هذا الهدف وذلك ان كان الهدف منها اكتساب الخبرة وهي ظاهرة سلبية بالنسبة للمجتمع وذلك لانها تدل علي عدم قدرة المجتمع علي تقديم الخبرات السلوكية من خلال برنامج التنشيئة الاجتماعية وبواسطة مناهج التعليم ومؤسساته المخططة لذلك كما انها تدل علي عدم قدرة المجتمع علي تطبيق العدل الاجتماعي حيث ان الدروس الخصوصية تعتبر بذلك وسيلة بديلة للمنهج التعليمى وتؤدي نفس الدور الاانها ليست متوفرة لجميع الافراد لانها تعتمد علي القدرات الماديه وبذلك يفقد المجتمع جزء كبير من افراده الغير قادرين علي اكتساب الخبرة لعدم توفر الامكانيات المادية ورغم ان استعدادتهم وقدرتهم الفردية تؤهلهم للنجاح والارتقاء بالمجتمع ككل وربما النبوغ في مجالات العلم المختلفة وبالاضافة لذلك لم تحتسب الاثار السلبية التى يتركها مثل هذا الحرمان التعليمي الناتج من تفاوت القدرات المادية علي الاساس الطبقي بالنسبة للفرد الغير قادر وشعوره بالانتماء للمجتمع وما قدمه له من مساعدات .ومن هذا التعريف البسيط للظاهرة يشير باصابع الاتهام الي وجود خلل بالمنهج الاجتماعي ككل او احدي اجزائه والتي هي مناهج التعليم كجزء من مكونات المنهج الاجتماعي والتي يؤثر الخلل فيها علي جميع تفاعلات المجتمع وظواهره وليس الدروس الخصوصية وفقط بل تتعدي ذلك بمراحل كثيرة وتصيب المجتمع بكثير من الامراض السلوكية مثل فقد الثقة بالاهداف الاجتماعية وعدم الانتماء والتخلف العلمي وفقد القدرات الابداعيه والتحايل علي النظم والنظرة التجارية قصيرة المدي للاهداف السامية ...الخ وكما قلنا من قبل فظاهرة الدروس الخصوصية هى ظاهرة ايجابية علي المستوي الفردي اذا كان الهدف منها اكتساب الخبرة في مجال معين او بصفة عامة الا انها ايضا تتحول الي ظاهرة سلبية علي المستوي الفردى والاجتماعي اذا كان الهدف منها هو فقط اجتياز اختبار موضوع بواسطة منهج مختل في اساس تكوينه اي ليس له نربامج تقويم يتابع تطوره ويراقب تفاعلاته وفاعليته ويصحح من الاخطاء الموجودة به ..وبذلك يبتعد كل من المدرس والطالب عن الهدف الاساسي من التعليم وهو اكتساب الخبرات المناسبة واللازمة في مجال معين ويصبح الهدف الاساسي هو انسب واقصر اسلوب لضمان النجاح في الامتحان وبعد الامتحان لا يمكن للطالب الاستفادة العملية من الخبرات التي اكتسبها من الدرس او اذا تغير شكل الاختبار الي نظام اخر كان يحاول اجتياز اختبار عملي يفشل او اذا اختلفت شكل الاسئلة يفشل لانه تعلم فقط خبرة اجتياز الامتحان بشكل نمطي مقنن بواسطة المقررات الدراسية المفروضة .
وبهذا يكون السبب الاساسي للظاهرة هو اختلال المنهج التعليمى وهنا يجب ان نسال سؤال .... كيف يختل المنهج التعليمى بعد تخطيطة وتطبيقة ؟ والاجابة كما ذكرنا من قبل ان اي تطبيق لسلوك يجب ان يتبعه رقابة هادفة وفي غياب الرقابة والتقويم تبداء الافراد الممارسين للعمل التعليمى في ممارسة الانحراف السلوكى عن المتوقع حتي تتحول لظاهرة يصعب الاعتراف بها اجتماعيا وهي فساد الادارة التعليمية وتعديل اهدافها بشكل غير معلن فلا تجد مثلا اثر للتطبيق العملي للخبرات ولا الاشراف ولا الانشطة وتكون موجودة اما نظريا او مظهريا ولكنها لا تؤدي الدور المطلوب منها في العملية التعليمية ويكون الهدف الرئيسي للقائمين علي العمل التعليمى اما الراحة لبذل المجهود ليلا في الدروس الخصوصية واما الاهتمام بالنظافة والكشوف واللوحات لتضليل الزائرين واما الاهتمام بالمشاكل الادارية وما الي ذلك ونظرا لغياب الرقابة يتحول الانحراف الي ظاهرة تكون نتيجتها ظاهرة اخري وهي الدروس الخصوصية والتي قد تظهر علي سطح المجتمع وتتداول بين الراي العام لانها مصدر شكوي مادية من الطبقة الغير قادرة علي تكليفها والمهتمة بتنشيئة افرادها ويتم تداول الظاهرة علي انها سبب فشل المنهج التعليمى واتهام المعلمين بالتقصير في العمل من خلال المنهج التعليمى بدافع تحقيق المنفعة الشخصية وبذلك يضلل الراي العام عن سبب الظاهرة الاساسي وهو خلل المنهج التعليمى ويبرر ويعمم الي السبب المجهول والصعب الفهم والاصلاح الا وهو فساد افراد المجتمع وقلة الضمير والصاق المبررات بالصفات الفردية وخصائص المجتمع .
ومناهج التعليم لها من الخبراء ومن الانظمة ومن العلوم الخاصة بها كعلم النفس التعليمى وعلم الاجتماع وعلم النفس الفردي وعلم ادارة وتخطيط المناهج ما من شأنه علاج واصلاح وتقويم الكثير من الظواهر الاجتماعية المرفوضة الا ان لها مكونات وعناصر وشروط خاصة لتطبيقها في المجتمع وهي لا ترتبط في تحقيق اهدافها بالامكانيات المادية الا فيما يخص توفير الوقت اللازم لتحقيق الاهداف ...وكذلك يصعب تطبيقها في مجتمع لا يتعامل مع المفاهيم العلمية لبناء المجتمعات لانها هي نفسها جزء لا يتجزاء من المنهج الاجتماعي والذي يؤثر ويتأثر بها وغلي سبيل المثال اذا تم يطبيق منهج تعليمي دقيق ومتطور وحديث في مجتمع غابت فيه الرقابة التقويمية او الرقابة بصفة عامة ولان القائمين علي العمل التعليمى هم بشر وفي عياب تلك الرقابة ..فقط بمرور الوقت تظهر الانحرافات السلوكية عن المتوقع لهم وتتحول الي ظواهر وتتعدل الاهداف الاجتماعية والتعليمية وتتحول بدورها الي اهداف كاذبة لا يلبس المنهج التعليمى ان ينحرف هو الاخر عن المتوقع له .
ولاصلاح وعلاج ظاهرة الدروس الخصوصية لابد من اعادة تنظيم المنهج التعليمى علي اساس علمي ومنهجى بواسطة متخصصي المناهج وبدون قيود عليهم ......ومن الخطر او من اشد الوسائل المضللة للمجتمع اللجوء الي توفيق وتبديل نظم الاختبارات والامتحانات لتتوافق ورغبات الطلاب لانها تبعد بذلك عن الهدف الاساسي منها ..او اللجوء العشوائي الي الغاء اجزاء من المواد او المقررات الدراسية تسهيلا علي الطلاب او القيام بتوزيع نماذج للامتحانات او ملخصات للمواد بواسطة العاملين الاداريين بالتعليم او المدرسين انفسهم ....او ما الي ذالك من الوسائل التي يلجاء لها المسؤلون لامتصاص غضب الراي العام لانها جميعا ضد مفهوم مناهج التعليم والتقويم بل هي هادمة للمنهج التعليمي وتولد انحرافات سلوكية للطلاب عن ماهو متوقع من خلال المنهج ولا ن من اهداف المنهج في جميع المجتمعات الحديثة هو دفع الدارسين الي البحث والاستقصاء الموجه وتطبيق الخبرات المكتسبة علي شكل ملخصات شخصية وتوقع شكل الاسئلة والاختبارات بصورة سخصية حتي تقوى الاستفادة من تلك الخبرات وايضا ان كان الهدف هو التلخيص فلما لا تكون كل المقررات الدراسية علي شكل تلك الملخصات ونوفر في التكاليف وكذا فان تواجد الملخصات المقننة تدفع واضع الامتحان في كثير من الاحيان الي الاكتفاء بقياس الخبرات المتواخدة بتلك الملخصات طالما ضمن انها وصلت لجميع الطلاب ويغفل الهدف الاساسي من الخبرة ..... وايضا اللجوء الي الغاء اجزاء او جزء من سؤال اشتكي منه معظم الطلاب وليس كلهم لانه فيه ضياع لحق الطالب المتفوق القادر علي الاجابة وكذلك ان دل يدل علي عدم مطابقة الاختبار للمواصفات المعيارية للطلاب وليس له هدف فكل سوال يجب ان يوجه لقياس خبرة معينه وان لم تختبر تلك الخبرة لا يمكن احتساب الهدف المرتبط بها هدف تم تحقيقة بل يجب حذفه من المنهج ان كان غير ضلادروري او اعادة الاختبار فيه ان كان ضرورى .
التطرف والارهاب
ظاهرة من الظواهر الاجتماعية التى انتشرت في العالم وبرزت للراي العام في العقد الماضى ربما كنتيجة مباشرة لثورة وعصر المعلومات والاتصالات واصبحت وسيلة فعالة للضغط علي الافراد والمجتمعات لتعديل وتغيير اهدافها وسلوكها الاجتماعي وبمجرد اتهامها بالتطرف او الارهاب .والانحراف السلوكى المعروف بالتطرف هو عبارة عن خبرة او خبرات مكتسبة قوية ادت الي تغيير اوتبديل او تعديل القيم والاتجاهات العقائدية و تقويتها بحيث اصيحت القوة الوحيدة المحددة للدوافع السلوكية والمتحكمة والمسيطرة علي السلوك الفردي والقادرة علي اتخاذ القرارات والاختيارات الفردية باستخدام تلك الخبرة القوية وتطوير باقي الخبرات السلوكية المكتسبة لتتوافق مع القيم والاتجاهات العقائدية الجديدة .... بذلك يصبح الفرد المريض بالتطرف غير قادر علي السيطرة علي سلوكه طبق لتوقعات المجتمع واالتزاماته الاجتماعية ويكون المحدد الوحيد لسلوكه خلال التفاعل الاجتماعي هو الاتجاه العقائدي او القيم المكتسبة وبحسب نوعها (ديني – سياسي – فكرى – اجتماعي – عسكرى – اخلاقي ...الخ ) فان خالف هذا الاتجاه او القيم عن التوقع الاجتماعي يوصف الفرد بالمتطرف لانه يصر في كل مرة يتفاعل فيها مع المجتمع علي نفس السلوك ولا يمكن السيطرة علي سلوكة بواسطة الرقابة او القوانين او نظم التاهيل والتنشيئة المتعارف عليها اجتماعيا بل يلزمه اعادة تاهيل خاص وعلمي .
والتطرف مثل اي انحراف اومرض سلوكى وكذلك الظواهر المتعلقة به ..والفرد بصفة عامة لا يتحول داخل المجتمع الي متطرف فجاة او تلقائيا بل يبداء بالانحراف الاول ويكتسب منه خبرة ايجابية تشبع وتحقق اهدافه .. الا ان التطرف هو ناتج مجموعة من الخبرات السلبية القوية والمتكررة والتي لم تمكن الفرد من تحقيق اهدافه واشباع رغباته فيصاب بالفشل وعدم الثقة في المجتمع او الشعور بالانتماء اليه فان لم يجد في البيئة المحيطة وسائل المساعدة اللازمة لاعادة تأهيله يلجاء الي اعادة تاهيل ذاتي وفق لاتجاه عقائدي يعتبر المجتمع جاهل وعدو له بجهله (وفق لنظرية الاسقاط ) ويعتبركل الوسائل والمساعدات المقدمة من المجتمع غير ذات جدوي ولم يحسن المجتمع استغلالها وانه شخصيا لا ينتمى لهذا المجتمع المخالف لارائه او اهدافه وتزيد تلقائيا الثقة في النفس والقدرات تحت دافع وغريزة حب البقاء والتميز ... ويلجاء الفرد الي البحث العشوائي او العلمى الغير مطابق للاهداف الاجتماعية ويكتسب الفرد مجموعة جديدة من الخبرات السلوكية وفق لاقوى القيم او الاتجاهات النفسية او الميول الشخصية في ذلك الوقت فان كانت الميول سياسية يكتسب خبرات سياسية وان كانت الميول دينية يكتسب خبرات دينيه وان كانت الميول اقتصادية يكتسب خبرات اقتصادية وهكذا وقد يتخبط الفرد بين الكثير من القيم والاتجاهات والميول قبل اكتساب خبرة ناجحة تشبع له رغباته وتحقق له اهدافه وقد يحفز من قبل فرد اخر او مجموعة اخري لتوجيهه في اتجاه خبرة معينة ... الا انه بمجرد تحقيق النجاح واشباع رغبتة بنجاح وشعورة بالسعادة والاستقرار النفسي وتحقيقة لذاته يبداء تلقائيا في زيادة هذه الخبرة والارتباط بها وتطويرها وتحويلها الي عقيدة وقيمة تمثل منهج النجاح له ......وهنا الفرد لايزال عضو في المجتمع وله الرغبة في التفاعل معه ولا سبيل لانجاح هذا التفاعل الا بتغيير منهج الفرد المحقق للسعادة او تغيير منهج المجتمع المحقق للسعادة والمنهجان لا يمكن ان يتفقوا معا فهم علي التضاد ..... وهنا يلجاء الفرد الي الاساليب الدعائية والهجومية والانتقادية للمجتمع ككل وبالطبع قد يصادف انتقاده الصواب مرة وقد يخالف الصواب في الاخري الا ان كل نجاح في الانتقاد الذاتي للمجتمع يعتبر بالنسبة له خبرة ايجابية قوية في سبيل تحقيق هدفه وهو تغيير المنهج الاجتماعي وكل فشل في الانتقاد الذاتي للمجتمع يحققه يحوله الي خبرة ايجابية كاذبة ويسقط اسبابه علي اختلال المجتمع نفسه وعيوبه وطالما حقق الفرد اشباع وتحقيق اهدافه لا يمكن تعديل سلوكه الا باساليب الدفع وتحفيز الرغبة لاكتساب خبرات سلوكية جديدة قادرة علي التأثير علي العقيدة والقيمة المسيطرة علي سلوكه ولا يمارس هذا الضبط السلوكى الا متخصصون في علم النفس وغالبا ما يتم هذا الضبط وفق لمعايير المنهج الاجتماعي المتبع ومشاركة اجتماعية ان كانت ظاهرة اجتماعية .
ولا يشترط في الفرد المتطرف ان يكون مكتسب لمجموعة من الخبرات السلوكية السلبية او تعرض لمجموعة من المواقف التفاعلية الفاشلة وفقط ... بل من الممكن ان يتحول الفرد الناجح والايجابي الي فرد متطرف ايضا وذلك اذا تعرض لاكتساب خبرات سلوكية قوية تؤثر علي اتجاه او قيمة سلوكية معينة وتعدلها او تغيرها او تطورها وتقويها بحيث تصبح هي الوحيدة المسيطرة والمتحكمة في توجيه الدوافع والرغبات السلوكية واختيار الخبرات السلوكية اللازمة لاشباعها .... فان تصادف وكان هذا الاتجاه السلوكى لا يمكن ان يتفق مع المنهج الاجتماعي كان الفرد من القوة والدافعية لمحاولة تغيير او تعديل او تطوير الاتجاه الاجتماعي ككل .
والفرق بين التطرف والانحراف السلوكى ان الاول هو انحراف فكرى يدفع الفرد الي البعد عن التفاعل الاجتماعي وهو متعقل اي لا ينتج عنه مخالفة للمعايير السلوكية الاجتماعية ولا يمكن المجتمع من توقيع العقوبة الرادعة له لانه حق طبيعي للفرد في التعبير عن الراي وغالبا ما يتوافق في بعد اجزائة مع الاتجاهات العقائدية للمجتمع الا انه اكثر تطور او تعدبل وكذلك دائما ما يكون الهدف منه تحقيق اهداف اجتماعية منشودة وفقط الاختلاف في المنهج المتبع فلا يمكن فصله كليا عن المجتمع .....الا في حالة مخالفة الاتجاة المتطرف للاهداف الاجتماعية اساسا ومحاولة خلق اهداف جديدة غير مرغوبة ( كالتطرف الجنسي والدعوة للشذوذ في مجتمع شرقي ) رغم ان نفس الفرد قد يكون متطرف ومرفوض في المجتمعات الغربية الا انه لايعاقب ولا يفصل من المجتمع الغربي وبذلك فارتباط الاتجاه المتطرف بالاهداف الاجتماعية يمنع عنه العقوبة والفصل او الابعاد او العزل عن المجتمع ..... اما الانحراف السلوكى فهو ممارسة سلوك مخالف لتوقع المجتمع بهدف تحقيق اهداف فردية مخالفة لاهداف المجتمع يستوجب ضبط وعقوبة . وقد يتحول التطرف الي انحراف سلوكى متوقع في اي وقت وبحسب الاثارة الاجتماعية له .
والتشابه بينهم ان كلاهم انحراف سلوكى يستوجب ضبط وسيطرة واعادة تأهيل ولا تنتج الا في ظل خلل في المنهج الاجتماعي او غياب الرقابة اوضعف نظم التنشيئة الاجتماعية وعدم تحقيق مناهج التعليم لاهدافها .
وكما اوضحنا فالتطرف هو نوع من الانحراف الفكري المرتبط بالاهداف الاجتماعية والغير مجرم قانونا او لا يعتبر مخالفة سلوكية لتحقيق هدف فردي او خلق هدف اجتماعي مرفوض من المجتمع .. وبذلك فله القدرة علي التعايش السلمي والتفاعل الاجتماعي وعدم الاخلال بالنظم الاجتماعية كحالات فردية شاذة عن المجتمع . ونتيجه لهذا التعايش وغياب الرقابة والمنهج الاجتماعي بصفة عامة فيكون له القدرة المعلنة والظاهرة علي نقل الخبرات والاتجاهات الخاصة به الي غيره من الافراد ويكون قادر علي تكوين التكتلات والجماعات الداخلية المؤيدة له والتي تعتبر بعد اكتسابها جميع الخبرات المعدلة للاتجاهات جماعات متطرفة وكلما مر الوقت زادت التكتلات وتمكن الفكر المتطرف من تغيير وتعديل المنهج الاجتماعي وتطبيق منهجه ..... او تمكن من تقسيم المجتمع الي اجزاء مؤيدة واجزاء معارضة ....... وكلما زادت قوة وعدد التكتلات المتطرفة تحول التطرف الي ظاهرة اجتماعية مؤثرة علي المجتمع وتبداء مرحلة التحول الي ما يعرف بالعصيان الاجتماعي او الارهاب ..... وهنا يجب الاشارة الي نقطة التحول من متطرف غير ضار وغير مخالف للسلوك الاجتماعي الي الممارسة الفعليه للسلوك المنحرف لمرفوض بهدف فرض المنهج او الاتجاه السلوكى علي المجتمع بمختلف الوسائل المتاحة وللتوضيح نضرب المثل التالي في الغرب بداءت فكرة الحرية الشخصيه المطلقة كحق مشروع للجميع واصبحت هدف منهجي لهم وظهر بعد ذلك نداء او فكر متطرف بالنسبة للمجتمع الغربي بحق الافراد في ممارسة الشذوذ الجنسي تحقيق للهدف الاجتماعي المنهجي والذي هو تمتع كل فرد بالحرية الشخصية طالما لا يتعارض مع حقوق الغير ... وكان هذا السلوك مرفوض اجتماعيا من الغرب انفسهم في البداية وتعتبر تطرف في ممارسة الحريات ..... ولم تكن الفرد الشاذ او المتطرف قادر علي الاعلان عن نفسه او ممارسة هذا التطرف علنا ولم يكن للمجتمع الغربي القدرة علي ضبط هذا السلوك او التطرف ......وبمرور الوقت وانتشار المرض او الانحراف او التطرف تكونت تكتلات وجماعات متطرفة وعندما اصبحت تلك التكتلات المتطرفة تمثل قوة اجتماعية قادرة علي التأثير علي اهداف المجتمع ومنهجه تم الاعلان عن ممارسة السلوك المتطرف وتم خوض الكثير من اعمال العنف والمقاومة والارهاب وانتهي الامر بتقنينه ووضعت النظم والاجراءات المناسبة له وتحول من ظاهرة متطرفة الي منهج اجتماعي غير مرفوض يمكن ممارسة سلوكه دون اي انتقاد او معارضة وبذلك تغلب التطرف علي المجتمع وعدل منهجه دون اي فرصة للمجتمع للمقاومة . ..وهكذا كلما تكونت تكتلات متطرفة في مجتمع كلما كانت من القوة بحيث تكون قادرة علي تغيير المنهج وممارسة السلوك المتطرف رغما عن ارادة المجتمع .
ومن هذا المثال يتضح ان العصيان الاجتماعي او الارهاب هو في الاساس ناتج من انحراف سلوكى عن المتوقع او تطرف فكري لم تمارس علية نظم ضبط اجتماعي او تطور في غياب الرقابة حتي تحول علي مدار الزمن والسنوات الي فعل سلوكى وممارسات منحرفة يصعب السيطرة عليها بالنظم والقوانين الاجتماعية التي تولدت فيها (ويجب الاشارة الي ان الانحراف والتطرف والارهاب ليس لها علاقة مطلقا في هذا السياق بالمفاهيم الحقيقية الطبيعية للخير والشر او الصح والخطاء وانما هي اصطلاحات نسبية الي اهداف المجتمع واتجاهاته فمثلا تعتبر الامانة في مجتمع الجريمة انحراف سلوكى وكذلك القتل في مجتمعات الجريمة المنظمة لا يعتبر ارهاب بل هو سلوك لرد الحقوق وعصيان الحكام في المجتمعات الدكتاتورية لا يمكن اعتباره تطرف والقتال في الميدان لاسترداد الحقوق لا يعتبر ارهاب مهما كانت وحشيته ....الخ)
كيف يتحول الفرد الي متطرف او ارهابي
في وجود جماعة او فرد متطرف له القدرة علي التأثير علي الاخرين وسواء كانت هذه القدرة ناتجة من خبرات علمية مكتسبة او قدرات شخصية ... ونتيجة لغياب الرقابة والضبط الاجتماعي ... ونتيجة لتفاوت واختلاف الدوافع والرغبات والقدرات والاستعدادات وحالات الفشل والنجاح في اي مجتمع .... فمن المتوقع من خلال التفاعل الاجتماعي للعناصر المتطرفة بالبحث والارتباط بتلك الافراد كاهداف لهم ... ثم تقوم الجماعة المتطرفة بتحفيز واستدراك الافراد التي تتوفر لهم الاستعداد والقدرة علي تلقي واكتساب الخبرات اللازمة لتعديل سلوكهم وخاصة اذا تم هذا القياس وفق لمنهج تعليمي مقنن ومخطط ويكون الفرد العادى في هذه الحالة عرضة لاكتساب خبرات سلوكية قوية مباشرة او مصاحبة قادرة علي تعديل اتجاهاته ودوافعه والتحول الي متطرف . اما الفعل الارهابي او السلوك الارهابي كممارسة سلوكية فهو ايضا انحراف بالسلوك في المجتمع المتطرف بمعني انه لا يمارس لا من خلال مخالفة قد تحدث مرة واحدة وقد تتكرر نتيجة لتحقيق اهدافها ولا يشترط ان يمارسها جميع افراد المجتمع المتطرف ..... وهي عبارة عن استجابة منحرفة لمثير اجتماعي من خلال الدوافع والاتجاهات والخبرات السابقة ولهذا فهي وقتية مرتبطة بالمثير وقوته وعلي سبيل المثال اذا تم ممارسة التحفيز للدوافع والرغبات السلوكية لفرد متطرف وتوجيه سلوكه في اتجاه ممارسة سلوكيه ارهابية ولكنها قادرة علي اشباع تلك الرغبات وتحقيق تلك الاهداف وشعور الفرد بالراحة النفسية والسعادة وفق لاتجاهاته وعقائدة .... فبمجرد ظهور المثير السلوكى او توافر الوقت المناسب يبداء الفرد تلقائيا في ممارسة السلوك الذي وجه له وقد تخيب اماله في مقدار السعادة المتوقعة وقد يندم علي تلك الممارسة فلا يكررها مرة اخرى ... وقد تحقق له الممارسة خبرة ناجحة فيستمر في ممارستها ..... الا ان هذه الممارسة تعتبر وقتية .... والمتحكم في توجيهها قد يكون الفرد نفسه او فرد اخر يتحكم في توجيهه ( اي تحت السيطرة الخارجية ) وفي كلتا الاحوال يعزل الفرد نهائيا عن اي تفاعلات اجتماعية من شانها اكسابه اي نوع من انواع الخبرات السلوكية الغير مخططة خوفا من التأثير الوقتى علي الاتجاهات او الدوافع والمحبط لعملية الاعداد المسبق وسواء مارس هذا العزل الفرد نفسه او السيطرة الخارجية فبالطبع تكون النتيجة النهائية هي ممارسة الفعل الارهابي والذي يتمثل في بعض الاحيان في الانتحار والقضاء علي حياة الفرد نفسه وهو في تلك اللحظة في كامل قواة العقلية وكامل وعيه ومسيطر علي سلوكه كليا الا ان اتجاهاته ودوافعه تختلف عن باقي افراد المجتمع لانه مؤمن تمام الايمان ومعتقد تمام الاعتقاد بان سعادته الشخصية واستقراره النفسي والفائدة الكبري لا تتحقق الا بممارسة هذا السلوك واصبح خلاصه الوحيد هو الموت اما علي بدافع الامل بالانتقال لحياة افضل او بدافع التخلص من حياة لا تمثل له قيمة ولا تحقق له الا الشقاء والالام واما الخوف من المستقبل وفقد الامل في النجاة من الالام المتوقعة .
والمقصود هنا بهذا العرض ايضاح ان الفرد المتطرف او الممارس لسلوك ارهابي وخاصة الذي يصاحب الانتحار ما هو الا فرد يمارس سيطرة كاذبة علي سلوكه لا تتفق مع معايير السيطرة علي السلوك الاجتماعي وبمعني اخر اهمل المجتمع في تاهيله ومراقبته وجعله عرضة وفريسة لغيره من المتطرفين او المستغلين ولم يمارس المجتمع معه مبادئ السيطرة علي السلوك وتعديل الاتجاهات والدوافع في بداية تعرضه للتطرف حتي لا يصل لمرحلة ممارسة السلوك المخالف الفعلية ....والمجتمع مسؤؤل عن كل افراده كالاب تماما مسؤؤل عن كل ابنائه فاذا اهمل واساء في تربيتهم فيجب معاقبته تبعا لمخالفة اي منهم لانه مسؤؤل عن مخالفتهم حتي يتحولوا الي اعضاء عاملين بالمجتمع .... وبالطبع لا يمكن تفسير كل ممارسة سلوكية متطرفة علي انها غير حقه او انها غير صحيحة لان في كثير من الاحيان تكون الممارسات الارهابيه هي شكل من اشكال الدفاع المشروع عن النفس كالمتطرف الذي يقوم بممارسة القتل لاحدي الطغاة المستبدين والذي هو نفسه يمارس الارهاب والترهيب للمجتمع ... فهذا المتطرف مارس فعل ارهابي الا ان الدافع له توافق مع رغبات المجتمع وقد يحاكم ويعدم الا انه قد يحول بعد ذلك لبطل في التاريخ وبالطبع حسابه علي الله اولا واخيرا الا انه قد يسميه البعض ارهابي وقد يسميه البعض بطل والاختلاف ناتج من اختلاف رغبات ودوافع واتجاهات المجتمع المنهجية .

ليست هناك تعليقات: