السبت، يونيو 03، 2006

اولي العلم و العلماء و المنهج الاجتماعي

بقلم : اسامه قراعه
اولي العلم والعلماء :
كما زكرنا من قبل فالمجتمع يتكون اساسا من مجموعة افراد تختلف في قدراتها واستعدادتها الفردية ولها مجموعة من الاهداف المشتركة ومعايير سلوكية محددة ولكل منهم دور او ادوار اجتماعية تختلف باختلاف القدرة والاستعداد السخصي . وتهتم المناهج الاجتماعية جميعا ببعض هذه الادوار علي انها ضمان استمرار وتطور المجتمع وخط دفاعهم الاول ضد الامراض والظواهر السلوكية ,,, واهتم المنهج الاسلامي علي وجه الخصوص بالعلماء واعطاهم منزلة وتكريم واهمية ميزتهم عن غيرهم من الافراد .
واولي العلم هم افراد من المجتمع الا انهم تميزوا فيه بالاستعداد والقدرة علي سرعة اكتساب الخبرات السلوكية والعلمية والقدرة علي السيطرة علي سلوكهم وتوجيهه لاكتساب المزيد من الخبرات ولهم القدرة علي الربط والفصل بين الخبرات المكتسبة والقدرة علي التوقع والتنبؤ العلمى بالسلوك المتوقع ولهم القدرة علي المقارنة الدقيقة والتفسير والتصنيف والاجتهاد واصدار الاحكام العادلة والصحيحة علي السلوك والحركة الصادرة من الفرد والبيئة والتخطيط لهم والاستفادة منهما والاصلاح في الارض واعمارها وتطويرها . والعالم هو ذلك الفرد الذى توفرت له هذه القدرات ووجهها واستفاد منها واكتسب القدر الاكبر من الخبرات بانواعها في مجال علمه . وسواء مارس هذه الخبرات لتحقيق اهداف فردية او تحقيق اهداف اجتماعية فهو من اولي العلم والعلماء .... والمنهج الاجتماعي لا يترك هذا الفرد دون الاستفادة منه سواء برغبته او بدون رغبته لان العالم في معظم الاحوال لا يصل لهذه الدرجة الا من خلال المجتمع وبذلك يكون ولائه له كما ان حركة حياته مرتبطة اساسا بالتفاعل مع المجتمع وهو اكثر الافراد حاجة لهذا التفاعل ...وفي معظم الاحيان يميز المجتمع هؤلاء الافراد ويساعدهم ويقدم لهم كل احتياجاتهم لتطوير انفسهم وكذلك يعمل المجتمع علي تحقيق اهدافهم الفردية وتيسيرها لضمان استمرار هؤلاء العلماء في مساعدة المجتمع علي تحقيق اهدافه لانهم هم المرجع العلمي الوحيد القادر علي توجيه المجتمع لاقصر طريق لتحقيق الهدف وبذلك يوفر لهم الجهد والتكلفة ويضمن لهم تحقيق الهدف ويقلل نسبة المخاطرة والفشل ...... ومجال العلم والعلوم لا حصر له وبطبيعة الحال لا يمكن الاعتماد علي فرد واحد عالم لجميع العلوم او لعلم واحد ,,,,,ولذلك تلجاء جميع المجتمعات الي البحث والتنقيب عن الافراد التي تتوفر لهم الاستعداد والقدرة والرغبة للتفوق وبلوغ درجة العالم وتبداء في مساعدتهم وتحفيزهم وتاهيلهم لممارسة هذا الدور ليس رغبة من المجتمع في تمييز فرد عن اخر ......فقط لان المجتمع تلقائيا يعلم انه كلما زاد عدد العلماء به زاد احتمال تطوره وازدهاره وزادت قوته ووجد التنافس الايجابي وكذا استقر حال المجتمع وقل احتمال تأخره او ضعفه .,,,,,ولكن هل كل العلماء او كلما زاد عدد العلماء كانوا قادرون علي ضمان تقدم المجتمع ؟؟ وهنا يجب الاشارة الي ان العالم هو انسان مثل باقي افراد المجتمع له فردانيته وله هواه النفسي وشرط نجاحه في تحقيق التقدم هو الاخذ باسباب النجاح واتباع منهجه العلمي دون تحريف او تبديل او تغيير حتي ولو كان علي حساب رغباته الشخصية واهدافه ,,, كما وانه هو المرجع الوحيد للمجتمع فان حرف او خالف منهجه متبع هواء نفسه او لاي سبب كان سبب مباشر في ضلال وضياع المجتمع ومنع عنه الرقي والتقدم وانحرف به عن السلوك المتوقع رغم غزارة العلم والخبرة التي يحملها والتي ان طبقها كما ينبغي لها لحافظ علي سلوك المجتمع علي الطريق المستقيم للتقدم ,,,, وهنا لا ينبغي للمجتمع اتباع كل عالم الا بعد ثبوت الصفات الاساسية للقيادة والتي تتمثل في التزامه بالصدق والامانة والعدل وايثار الغير والبعد عن هوى النفس والذاتية والحكمة والصير والقدرة علي السيطرة علي النفس والغير,,,, وهذه الصفات يختبرها المجتمع بطرق شتي ويراقبها بصفة مستمرة في العالم وان زل العالم في احداها قلت مكانته في المجتمع وضعفت قدرته علي توجيهه . .... واولي العلم هم مصدر الفكر والتخطيط للمجتمع ككل وهم ممثلين المجتمع في التفاعلات الخارجية مع المجتمعات الاخري .... واولي العلم هم القدوة لجميع افراد المجتمع والمصدر الوحيد لتنمية العقيدة والدوافع وتقييم وتقويم السلوك والتنبؤ به ولذلك فلا يمكن اعتبار اولي العلم في حالة الانحراف السلوكي كفرد عادى من المجتمع لان انحراف الفرد العادي يودى الي تواجد فرد واحد منحرف في المجتمع تعود جميع تبعات مخالفته السلوكية علي نفسه واما العالم اذا ما انحرف بسلوكه فيودى ذلك الي انحراف عشرات او مئات من افراد المجتمع وحتي ان استطاع العالم من السيطرة علي سلوكة المنحرف وتعديله الا انه من الصعب التاكد من السيطرة وتعديل سلوك جميع الافراد التابعين له فيترك دائما اثار سلبية لانحرافه السلوكى بالمجتمع ... ولذلك فالعالم في اي مجتمع هو المحرك الرئيسي والاساسي لدافعية الافراد وتوجهاتهم وبحسب رغبات الافراد وحاجتهم وعلي سبيل المثال ففي المجتمعات الدينية يكون العالم الديني هو مصدر توجيه الدافعية والسلوك ..وفي المجتمع الراسمالي يكون العالم الاقتصادي هو مصدر توجيه الدافعية والسلوك .... وفي المجتمعات الديمقراطية يكون علماء الاجتماع هم مصدر التوجيه الدافعية والسلوك .. وبذلك تتأثر جميع افراد المجتمع طبق لحاجاته وعقيدته باولي العلم ويؤثروا فيهم ليكون مجتمع ذات طابع ديني او ديمقراطي او اقتصادي او اشتراكي .
ومن التاريخ يظهر بوضوح انهيار الامم السابقة بسبب انحراف العلماء وضعفهم وانشقاقهم علي انفسهم لاتباع كل منهم فردانيته وهوي نفسه والاجتهاد لتكوين اتباع لمنهجه كاولوية اولي تسبق وحدة المجتمع بل وقد تفرقه.... ورغم ان الله عز وجل اعطى اعظم الامثال التوضيحية وبواسطة الانبياء انفسهم ليبين للعلماء وللناس جميعا اهمية الوحدة للمجتمع واولويتها علي اي اهداف اخري .. ومن هذه الامثال عندما عاد سيدنا موسى عليه السلام من ميقات ربه فوجد بني اسرائيل تعبدون العجل وسال اخيه هارون علية السلام "قال يهرون ما منعك اذ رأيتهم ضلوا (92) الاتتبعن افعصيت أمرى (93) قال يبنؤم لا تاخذ بلحيتي ولا برأسي اني خشيت ان تقول فرقت بين بني اسرائيل ولم ترقب قولي (94) " صدق الله العظيم وفي هذا المثال تجد ان هارون النبي اختار وفضل الوحدة علي مقاومة الضلال واكتفي بالنصح والارشاد ورغم انه كان قادر علي تجميع اتباعه ممن لم يعبدوا العجل ليقاوم هذا الضلال كنبي وهو علي يقين بان الله معه وله الجنة الا انه فضل واعطي الاولوية للوحدة وانتظر حتي ياتي الله بامره علي لسان موسي عليه السلام .... ولانه يعلم ان الله قادر علي حفظ دينه ويعلم مقدار ضعف بني اسرائيل في ذلك الوقت ومقدار معانتهم علي يد فرعون وجنوده ومقدار المغريات في ذلك الوقت وانتشار الضلال في المجتمعات المجاورة لهم وقدر ان الضرورة الاساسية للوحدة وحتي يمهد الطريق لموسي عليه السلام لارشادهم ونصحهم وهدايتهم وهم امة واحدة .... وفي نفس الوقت لم يتوقف عن النصح والارشاد وتجميع الشمل حتي ياتي موسى عليه السلام وينفذ امر الله ولله الامر والحكم من قبل ومن بعد وهو احكم الحاكمين (اسأل الله العلي القدير ان اكون وفقت في ضرب المثل والتشبيه واوضحت مقصدي ولم اتعدي حدودي في الفهم او الادراك وان يغفر لي زلتي يوم الدين ).ومن هذا المثال القراني لا شك ان هارون عليه السلام كان لديه العديد من الاختيارات الا انه فضل الوحدة بين المجتمع عن باقي الاختيارات وبالطبع هذا تدبير رباني وربما يكون الغرض منه هو اظهار اهمية توحيد المجتمعات وخاصة في وقت الضعف وعدم القدرة علي السيطرة علي سلوك الافراد لان اولا الوحدة ثم بها تكون القوة ثم بها تكون القدرة علي التوجيه والنصح والارشاد ثم تأتي بعدها السيطرة علي السلوك في ظل منهج يرضي به جميع افراد المجتمع .فان اتجهت العاماء بانحرافهم ايا كان سببه الي تكوين التكتلات والانشقاق والتفرقة بين الافراد في اي مجتمع كان ذلك من اهم واخطر الاسباب المؤدية الي ظهور الظواهر السلوكية المرفوضة وبالتالي ضعف المجتمع وتفككه وعدم قدرته علي السيطرة علي سلوكة وانشقاقه علي نفسه واتجاهه الي التدمير الذاتي الداخلي نظرا لتعارض الاهداف بين التوجهات الفكرية والعلمية واتباعها. كلا بما يرشده به هوي نفسه دون الاخذ في الاعتبار اهمية الوحدة للمحافظة علي تواجد المجتمع ككل وتوجيهه تدريجيا لطريق الحق الذي لا يختلف عليه احد ... اي الاجتماع علي هدف واحد رئيسي للجميع وهو العيش الامن في سلام مما يعطي الفرصة لكل فرد للتفكير والتدبير لحقيقة خلقه ومهمته في الارض ومصيره بعد الزوال وليعلم الجميع في العالم اجمع ان دين الله الاسلام لا يدعوا الا للسلام لجميع البشر علي الارض

ليست هناك تعليقات: