السبت، أغسطس 15، 2009

تأهيل المتقاعدين و المسؤلية الاجتماعية

المقال القادم باذن الله
حول مفهوم دور اجتماعي من اهم الادوار الاجتماعية التي يمر بها كل فرد في المجتمع بحسب عمره وهو دور ( المتقاعد - الكهل - العجوز) من وجهة نظر التنشيئة الاجتماعية والتعليم والتنمية والتفاعل الاجتماعي .
فكما نهتم بتأهيل الاطفال في ادوارهم ( الابن والاخ والاخت والطالب والصديق ....الخ)فيجب ان نهتم بمرحلة الكهولة وادوارها المختلفة والمتوقعة ( الاب والام - الوحيد - الجد والجدة -المتقاعد عن العمل - العاجز -المريض - الحكيم النشط - المستشار - كبير العائلة - المرجع -......الخ من الادوار المرتبطة بالمرحلة السنية وكذا قوانين التوظيف والخدمة العامة في معظم الدول العربية)
الهدف من المقال هو ايضاح المنهج الواجب اتباعه لتوقع ومساعدة تلك الفئة من المجتمع لتحقيق اقصي منفعة اجتماعية منهم وايضا لاحداث اقصي منفعة وسعادة لهم علي المستوي الشخصي كاولوية اولي ومسؤلية اجتماعية .
انتظروا المقال لعله يكون منفذ لاعادة تقييم تفاعل المجتمع مع تلك الفئة ورسم وتخطيط برامج جديدة لمساعدتهم ، فانا شخصية اتوقع ان يكون موضوع راقي يرقي الي مستوي ضرورة التطبيق وخاصة بعد ان قمت بقراءة مسودته اكثر من مرة وفي كل مرة يتبلور الموضوع وينضج وربما باقي اعادة الصياغة:




مقدمة

دور المجتمع في تأهيل الافراد لادوارهم الاجتماعية:

ان عملية التعليم والتاهيل والتدريب غالبا ما يتم التخطيط لها علي مستوي المجتمع او المنظمة او الموسسة ومهمتها الاساسية هي نقل الخبرات اللازمة لممارسة ادوار اجتماعية او وظيفية مختلفة عن طريق توفير مصادر المعلومات والمحتوي التعليمي والخبرات والمساعدات والوسائل التعليمية والمكان المناسب حتي يتمكن الفرد من اكتساب خبرة ما في موضوع ما باقل وقت واقل مجهود واقل تكلفة، وهذه هي طبيعة العملية التعليمية بصفة عامة وبالفعل نجد اليوم العديد والعديد من المنشأت والمراكز التعليمية التي تؤدي وظيفة التأهيل والاعداد للادوار الاجتماعية المختلفة ، الا نه يوجد نقص وقصور كبير في التأهيل للعديد من الادوار الرئيسية التي يمارسها الفرد ولها اثرها البالغ في تنمية المجتمع فعلي سبيل المثال ( الابن – الطالب – العامل – الزوج \ الزوجة – الاب \ الام – الرئيس – العالم - القائد – المرجع \ المستشار \ الحكيم - المتقاعد \ الكهل والعجوز - الواصي \ الكفيل – الشاهد) كلها ادوار اجتماعية يهتم بها المجتمع الا ان التأهيل لها يشمل (الطالب – العامل – الرئيس – العالم – القائد – المرجع / المستشار / الحكيم ) ومن ثم يهمل باقي الادوار ويعتمد فيها علي العادات والتقاليد والعقيدة والتنشيئة الاسرية بصفة عامة ، رغم ان الكثير من تلك الادوار علي درجة عالية من الاهمية في تطوير وتنمية المجتمع نفسه كما وانها ادوار شبه اجبارية ومتوقعة لجميع الافراد فالكل يمر بها ويمارسها ورغم ان اهمال تأهيلها يحمل المجتمع والافراد العديد من المشاكل ويزيد من المعوقات ويخفض من الروح المعنوية والدافعية الاجتماعية ولتوضيح تلك الاهمية سنقدم النموذج التالي


تأهيل الافراد للتقاعد:

من المعروف ان الفرد يمر بمراحل نمو مختلفة تنتهي بمرحلة الكهولة او الشيخوخة والتي يصعب معها استمرار هذا الفرد في ممارسة العديد من الادوار الاجتماعية حيث يقل مجهوده وطاقته وقدرته بصفة عامة ، ومن المعروف ايضا ان مؤسسة الاعمال هي مؤسسة ربحية وان كل وظيفة بها لها قدرات ومتطلبات محددة يجب ان تتوافر في العاملين بها ، وعلي هذا فعندما تقل قدرة الفرد علي ممارسة الدور الوظيفي الذي اعتاد عليه لفترة زمنية طويلة تضطر هذه المؤسسات الي احالة هؤلاء الافراد الي التقاعد نظير مكافئة مالية او معاش ، وبالطبع هذا ا اجراء منطقي ومتوقع والا لافلست تلك المؤسسات وتقاعد كل العاملين بها، الا ان المشكلة هنا تبقي في هذا الفرد الذي تقاعد عن العمل الذي كان يشغل 50% من وقته ومجهوده اليومي بالاضافة الي قيمة السعادة التي كان يحققها له هذا العمل.
عرفنا وسمعنا كثيرا عن مؤسسات تقوم بتـأهيل وتدريب الموظفين لتطوير وتحسين الاداء وتوقع الوصول الي الجودة الشاملة، تصرف الملايين في هذا الاتجاه ، وسمعنا كثيرا عن تقاعد المدير الفلاني والمسؤل الفلاني والموظف والعامل و..و.... فجأة وبغير انذار او ميعاد وحتي في حالات الخروج للمعاش او التقاعد بقوة القانون لتجاوز السن القانوني ، ولكن هل سمعنا عن مؤسسة قامت بتأهيل او اعادة تاهيل هؤلاء الافراد لاستكمال حياتهم بعد التقاعد؟ هل هؤلاء الافراد انتهت ادوارهم الاجتماعية ام هناك العديد من الادوار في انتظارهم؟ هل هم مؤهلون لهذه الادوار؟ وعلي من تقع مسؤلية هذا التأهيل؟ الفرد ام المجتمع ام المؤسسة التي اخلص لها لمدة لا تقل عن ربع قرن من الزمن انطفأت فيها كل خبراته المكتسبة عدي ما يلزمه للقيام بعمله في المؤسسة.
معظم هؤلاء المتقاعدون اصحاء ولديهم طاقة وطموح وامال وخبرة ومعظمهم يبحث بعد التقاعد عن فرص عمل او مجال للتفاعل مع المجتمع لاثبات الذات البعض بهدف الربح والبعض الاخر بدافع العطاء وربما لا يحتاج للربح وفي كلا الاحوال ينخرط في مجتمعات واعمال قد تختلف كليا عن مجال عمله الاصلي ، وكثيرا منهم يتعرض للفشل والاستغلال والسخرية .......الخ فكيف نجنبهم هذه المحنة كيف نساعدعم في بناء حياة جديدة تسعدهم ونستفيد فيها من طاقتهم؟ قد تعتقد البعض او علي اصح قول ان المفهوم السائد يقول( انهم كبار وناضجون وتعلموا من الحياة وقادرون بهذه الخبرة وبعد هذا العمر ان يشقوا طريقهم بدون مساعدة او انهم يجب عليهم الراحة والاكتفاء بما حصلو عليه وبفرصتهم حتي الان وليتركوا الفرصة للشباب) وللاسف لم استطيع تحديد علاقة ذاك بهذا في هضه الاقوال فما علاقة فرص الشباب بفرص الكبار او حياتهم وما علاقة السن بعدم الحاجة للتأهيل واكتساب خبرة مادام الفرد سيمارسها!!!!!!
وماذا عن المشاعر والاحاسيس والواجب الاجتماعي والاخلاقي وماذا عن هدف المجتمع او المنهج الاجتماعي لمساعدة جميع الافراد علي تحقيق اهدافهم الشخصية وتحمل مسؤلية سعادتهم وراحتهم النفسية وتنمية روح المواطنة ومحاربة الاغتراب فهل هي شعارات ؟ وماهي المسؤلية الاجتماعية التي تنادي بها المؤسسات وعلوم الادارة اهي شعارات ايضا؟
في كثير من الاحيان يكون الفرد المحال الي التقاعد خبير في مجال معين وله قدرات ومميزات نادرة او فريدة وفي كثير من الاحيان يكون الفرد له مواهب وقدرات جديدة لم تكتشف بعد او لم تستخدم بعد ، وفي كل الاحوال تظل هناك طاقة مفقودة لشريحة من المجتمع يجب ان يعاد تأهيلها لمساعدة انفسهم في المقام الاول ومن ثم لاضافة قيم جديدة للمجتمع والاستغلال الامثل لطاقته .
وعلي جانب اخر وبنظرة اخري لناحية طبيعة العمر والسن فالحقيقة ان معظم افراد المجتمعات بما فيهم العديد من الدول المتقدمة تمر بتلك المرحلة وهذه السنوات البائسة في نهاية العمر ، ونادرا منهم من يعد او يؤهل نفسه لتلك الفترة وكثيرا منهم من يتعرض للفشل والاحباط والتعاسة نتيجة لتعرضهم لمحاولات اثبات الذات عن طريق التجربة العشوائية والخطاء في ممارسة ادوار جديدة لم يؤهلوا لها ولم يكتسبوا خبرتها (انه حب البقاء واثبات الذات) ، وفوق ذلك كله تعرضهم للخجل والخوف من اثر ظهور اعراض الشيخوخة من نسيان وعدم القدرة علي المشي او التحرك او التبول اللاارادي وصعوبة الكلام ...الخ كل هذا متوقع الا ان المجتمع لم يؤهل هذه الفئة لممارسة دور الكهولة .
ان التقاعد-المعاش والكهولة والعجز كلها مرحلة سنية متقاربة وسريعة كنمو الاطفال ، وحتي في حالات التقاعد المبكر التي قد تحدث في اواخر مرحلة النضج الا انها كلها سريعة ومتدرجة ومرحلة فاصلة بين طبيعتين مختلفتين من الحياة تبداء من المعاش والذي يعد انسب فترة لاعادة تاهيل هولاء الافراد للمرحلة المقبلة بعد ان ولي الشباب والمراهقة والنضج وتحددت المطالب والاحتياجات.
التقاعد والكهولة والشيخوخة تمثل مشكلة اجتماعية كبيرة للفرد والابناء والاسرة والمجتمع ككل فكيف لا يوجد مركز (برنامج ومنهج ) لتأهيل كل من هو اقترب من سن التقاعد اوكل من هو راغب ،حتي يتعلم ما هي طبيعة الايام القادمة ( استعادة الخبرات التي تعرضت للانطفاء واعادة التذكير واحياء القيم وخصائص المرحلة ) وكيف يستغل خبراته المكتسب السابقة لاضافة قيم جديدة في مكان اخر ، وما هي الخبرات الجديدة او الدورات او التدريبات المناسبة لخبراته السابقة وقدراته والتي ان اكتسبها يكون قادر علي ممارسة ادوار اجتماعية او وظيفية اخري او حتي من اجل استمراره في ممارسة حياة ناجحة وسعيدة، متي يجب ان يتوقف ومتي يجب ان يجتهد ، ومتي يجب ان يطلب المساعدة والتوجيه والارشاد وممن يطلب المساعدة والتوجيه والارشاد ، متي يجب عليه ان يستريح واين ....... اشياء كثير وموضوعات كثيرة وخبرات كثيرة واحتياجات اكبر واكبر للتوجيه والارشاد والتقييم والتقويم والتعرف علي القدرات والذات يجب ان يخطط لها حتي يتعلمها الافراد قبل بلوغ سن التقاعد.
لن اتحدث عن الرحمة التي امرنا الله بها ولا عن حقوق الانسان ، بل النظر هنا هو لتنمية المجتمع الذي يحتاج لاستغلال كامل طاقته وموارد البشرية وكذا يحتاج الي تقليل المشاكل وتنمية روح المواطنة ورفع المعاناة عن المواطنين لتقوية الوحدة الاجتماعية، ولن اتحدث عن دور الايواء لكبار السن ولا مشاكلها ولن يكون مدخلي هو كيف نتعامل مع كبار السن والشيوخ والكهول فديننا الحنيف علمنا كيف نعاملهم وما يجب لهم ، ولكن مدخلنا هنا هو كيف نؤهلهم قبل بلوغ هذا السن بتدرج منطقي يحفظ لهم عزتهم وكرامتهم ويرشدهم ليستفيدوا هم اولا وليساعدونا ونساعدهم بسعادة .
اذا وجد هذا المركز فسيكون علي كل مؤسسة ان تتحمل مسؤليتها الاجتماعية في اعداد موظفيها للتقاعد وقبل بلوغ التقاعد بفترة كافية لا تقل عن سنتان ، يكون الفرد فيها علي علم تام بانه سيتقاعد في تاريخ محدد دون امل في عدم التقاعد حتي تزيد دافعيته وتركيزه في المقام الاول علي ماذا بعد التقاعد .
ان تعليم وتأهيل كبار السن متدرج وله طرقه ووسائله الخاصة وحساسيته المفرطة ولنذكر كيف علم سيدنا الحسن والحسين الرجل العجوز الوضوء دون ان يجرحوا مشاعره ، فعلوا مقامه ودفعوه الي التوقع ومعرفة اركان الوضوء هذا هو خلق الاسلام.
وبذلك فالرؤية لمنهج تأهيل التقاعد يجب ان تكون تحفيز الافراد المقبلين علي التقاعد ودفعهم الي توقع ودراسة واتخاذ القرارات المستقبلية وتوفير البيانات اللازمة لهذا التوقع.
وفي اعتقادي لو وجد مثل هذا المركز لحل الكثير من مشاكل المتقاعدين وكبار السن (يكفي التاهيل النفسي وحمايتهم من المخاطرة والمغامرة) وخاصة اذا تم دعمه من مؤسسات ومنظمات الاعمال والتي قد تجد في كثير من هؤلاء المتقاعدين يد العون في انجاز اعمالهم وتحقق لهم سعادة المشاركة والرضي النفسي او السلام النفسي , فاغلب هؤلاء المتقاعدين قد يكونوا فقدوا القدرة في اتجاه معين لا يتفق وادوارهم السابقة او ان طبيعة العصر والاعمال تحتاج لدماء جديدة ، الا ان المتقاعدون لديهم قدرات اخري متعددة تتناسب ومتطلبات ادوار اخري جديدة وفي اماكن واتجاهات اخري.
ولا ننسي فرحة الابناء والاحفاد والازواج وسعادة الاسرة بسعادة هولاء التقاعدين كبداية لتأهيلهم لمرحلة الكهولة والاسترخاء والراحة بصدر رحب وبسعادة وتعاون

ليست هناك تعليقات: