السبت، أغسطس 15، 2009

تأهيل المتقاعدين و المسؤلية الاجتماعية

المقال القادم باذن الله
حول مفهوم دور اجتماعي من اهم الادوار الاجتماعية التي يمر بها كل فرد في المجتمع بحسب عمره وهو دور ( المتقاعد - الكهل - العجوز) من وجهة نظر التنشيئة الاجتماعية والتعليم والتنمية والتفاعل الاجتماعي .
فكما نهتم بتأهيل الاطفال في ادوارهم ( الابن والاخ والاخت والطالب والصديق ....الخ)فيجب ان نهتم بمرحلة الكهولة وادوارها المختلفة والمتوقعة ( الاب والام - الوحيد - الجد والجدة -المتقاعد عن العمل - العاجز -المريض - الحكيم النشط - المستشار - كبير العائلة - المرجع -......الخ من الادوار المرتبطة بالمرحلة السنية وكذا قوانين التوظيف والخدمة العامة في معظم الدول العربية)
الهدف من المقال هو ايضاح المنهج الواجب اتباعه لتوقع ومساعدة تلك الفئة من المجتمع لتحقيق اقصي منفعة اجتماعية منهم وايضا لاحداث اقصي منفعة وسعادة لهم علي المستوي الشخصي كاولوية اولي ومسؤلية اجتماعية .
انتظروا المقال لعله يكون منفذ لاعادة تقييم تفاعل المجتمع مع تلك الفئة ورسم وتخطيط برامج جديدة لمساعدتهم ، فانا شخصية اتوقع ان يكون موضوع راقي يرقي الي مستوي ضرورة التطبيق وخاصة بعد ان قمت بقراءة مسودته اكثر من مرة وفي كل مرة يتبلور الموضوع وينضج وربما باقي اعادة الصياغة:




مقدمة

دور المجتمع في تأهيل الافراد لادوارهم الاجتماعية:

ان عملية التعليم والتاهيل والتدريب غالبا ما يتم التخطيط لها علي مستوي المجتمع او المنظمة او الموسسة ومهمتها الاساسية هي نقل الخبرات اللازمة لممارسة ادوار اجتماعية او وظيفية مختلفة عن طريق توفير مصادر المعلومات والمحتوي التعليمي والخبرات والمساعدات والوسائل التعليمية والمكان المناسب حتي يتمكن الفرد من اكتساب خبرة ما في موضوع ما باقل وقت واقل مجهود واقل تكلفة، وهذه هي طبيعة العملية التعليمية بصفة عامة وبالفعل نجد اليوم العديد والعديد من المنشأت والمراكز التعليمية التي تؤدي وظيفة التأهيل والاعداد للادوار الاجتماعية المختلفة ، الا نه يوجد نقص وقصور كبير في التأهيل للعديد من الادوار الرئيسية التي يمارسها الفرد ولها اثرها البالغ في تنمية المجتمع فعلي سبيل المثال ( الابن – الطالب – العامل – الزوج \ الزوجة – الاب \ الام – الرئيس – العالم - القائد – المرجع \ المستشار \ الحكيم - المتقاعد \ الكهل والعجوز - الواصي \ الكفيل – الشاهد) كلها ادوار اجتماعية يهتم بها المجتمع الا ان التأهيل لها يشمل (الطالب – العامل – الرئيس – العالم – القائد – المرجع / المستشار / الحكيم ) ومن ثم يهمل باقي الادوار ويعتمد فيها علي العادات والتقاليد والعقيدة والتنشيئة الاسرية بصفة عامة ، رغم ان الكثير من تلك الادوار علي درجة عالية من الاهمية في تطوير وتنمية المجتمع نفسه كما وانها ادوار شبه اجبارية ومتوقعة لجميع الافراد فالكل يمر بها ويمارسها ورغم ان اهمال تأهيلها يحمل المجتمع والافراد العديد من المشاكل ويزيد من المعوقات ويخفض من الروح المعنوية والدافعية الاجتماعية ولتوضيح تلك الاهمية سنقدم النموذج التالي


تأهيل الافراد للتقاعد:

من المعروف ان الفرد يمر بمراحل نمو مختلفة تنتهي بمرحلة الكهولة او الشيخوخة والتي يصعب معها استمرار هذا الفرد في ممارسة العديد من الادوار الاجتماعية حيث يقل مجهوده وطاقته وقدرته بصفة عامة ، ومن المعروف ايضا ان مؤسسة الاعمال هي مؤسسة ربحية وان كل وظيفة بها لها قدرات ومتطلبات محددة يجب ان تتوافر في العاملين بها ، وعلي هذا فعندما تقل قدرة الفرد علي ممارسة الدور الوظيفي الذي اعتاد عليه لفترة زمنية طويلة تضطر هذه المؤسسات الي احالة هؤلاء الافراد الي التقاعد نظير مكافئة مالية او معاش ، وبالطبع هذا ا اجراء منطقي ومتوقع والا لافلست تلك المؤسسات وتقاعد كل العاملين بها، الا ان المشكلة هنا تبقي في هذا الفرد الذي تقاعد عن العمل الذي كان يشغل 50% من وقته ومجهوده اليومي بالاضافة الي قيمة السعادة التي كان يحققها له هذا العمل.
عرفنا وسمعنا كثيرا عن مؤسسات تقوم بتـأهيل وتدريب الموظفين لتطوير وتحسين الاداء وتوقع الوصول الي الجودة الشاملة، تصرف الملايين في هذا الاتجاه ، وسمعنا كثيرا عن تقاعد المدير الفلاني والمسؤل الفلاني والموظف والعامل و..و.... فجأة وبغير انذار او ميعاد وحتي في حالات الخروج للمعاش او التقاعد بقوة القانون لتجاوز السن القانوني ، ولكن هل سمعنا عن مؤسسة قامت بتأهيل او اعادة تاهيل هؤلاء الافراد لاستكمال حياتهم بعد التقاعد؟ هل هؤلاء الافراد انتهت ادوارهم الاجتماعية ام هناك العديد من الادوار في انتظارهم؟ هل هم مؤهلون لهذه الادوار؟ وعلي من تقع مسؤلية هذا التأهيل؟ الفرد ام المجتمع ام المؤسسة التي اخلص لها لمدة لا تقل عن ربع قرن من الزمن انطفأت فيها كل خبراته المكتسبة عدي ما يلزمه للقيام بعمله في المؤسسة.
معظم هؤلاء المتقاعدون اصحاء ولديهم طاقة وطموح وامال وخبرة ومعظمهم يبحث بعد التقاعد عن فرص عمل او مجال للتفاعل مع المجتمع لاثبات الذات البعض بهدف الربح والبعض الاخر بدافع العطاء وربما لا يحتاج للربح وفي كلا الاحوال ينخرط في مجتمعات واعمال قد تختلف كليا عن مجال عمله الاصلي ، وكثيرا منهم يتعرض للفشل والاستغلال والسخرية .......الخ فكيف نجنبهم هذه المحنة كيف نساعدعم في بناء حياة جديدة تسعدهم ونستفيد فيها من طاقتهم؟ قد تعتقد البعض او علي اصح قول ان المفهوم السائد يقول( انهم كبار وناضجون وتعلموا من الحياة وقادرون بهذه الخبرة وبعد هذا العمر ان يشقوا طريقهم بدون مساعدة او انهم يجب عليهم الراحة والاكتفاء بما حصلو عليه وبفرصتهم حتي الان وليتركوا الفرصة للشباب) وللاسف لم استطيع تحديد علاقة ذاك بهذا في هضه الاقوال فما علاقة فرص الشباب بفرص الكبار او حياتهم وما علاقة السن بعدم الحاجة للتأهيل واكتساب خبرة مادام الفرد سيمارسها!!!!!!
وماذا عن المشاعر والاحاسيس والواجب الاجتماعي والاخلاقي وماذا عن هدف المجتمع او المنهج الاجتماعي لمساعدة جميع الافراد علي تحقيق اهدافهم الشخصية وتحمل مسؤلية سعادتهم وراحتهم النفسية وتنمية روح المواطنة ومحاربة الاغتراب فهل هي شعارات ؟ وماهي المسؤلية الاجتماعية التي تنادي بها المؤسسات وعلوم الادارة اهي شعارات ايضا؟
في كثير من الاحيان يكون الفرد المحال الي التقاعد خبير في مجال معين وله قدرات ومميزات نادرة او فريدة وفي كثير من الاحيان يكون الفرد له مواهب وقدرات جديدة لم تكتشف بعد او لم تستخدم بعد ، وفي كل الاحوال تظل هناك طاقة مفقودة لشريحة من المجتمع يجب ان يعاد تأهيلها لمساعدة انفسهم في المقام الاول ومن ثم لاضافة قيم جديدة للمجتمع والاستغلال الامثل لطاقته .
وعلي جانب اخر وبنظرة اخري لناحية طبيعة العمر والسن فالحقيقة ان معظم افراد المجتمعات بما فيهم العديد من الدول المتقدمة تمر بتلك المرحلة وهذه السنوات البائسة في نهاية العمر ، ونادرا منهم من يعد او يؤهل نفسه لتلك الفترة وكثيرا منهم من يتعرض للفشل والاحباط والتعاسة نتيجة لتعرضهم لمحاولات اثبات الذات عن طريق التجربة العشوائية والخطاء في ممارسة ادوار جديدة لم يؤهلوا لها ولم يكتسبوا خبرتها (انه حب البقاء واثبات الذات) ، وفوق ذلك كله تعرضهم للخجل والخوف من اثر ظهور اعراض الشيخوخة من نسيان وعدم القدرة علي المشي او التحرك او التبول اللاارادي وصعوبة الكلام ...الخ كل هذا متوقع الا ان المجتمع لم يؤهل هذه الفئة لممارسة دور الكهولة .
ان التقاعد-المعاش والكهولة والعجز كلها مرحلة سنية متقاربة وسريعة كنمو الاطفال ، وحتي في حالات التقاعد المبكر التي قد تحدث في اواخر مرحلة النضج الا انها كلها سريعة ومتدرجة ومرحلة فاصلة بين طبيعتين مختلفتين من الحياة تبداء من المعاش والذي يعد انسب فترة لاعادة تاهيل هولاء الافراد للمرحلة المقبلة بعد ان ولي الشباب والمراهقة والنضج وتحددت المطالب والاحتياجات.
التقاعد والكهولة والشيخوخة تمثل مشكلة اجتماعية كبيرة للفرد والابناء والاسرة والمجتمع ككل فكيف لا يوجد مركز (برنامج ومنهج ) لتأهيل كل من هو اقترب من سن التقاعد اوكل من هو راغب ،حتي يتعلم ما هي طبيعة الايام القادمة ( استعادة الخبرات التي تعرضت للانطفاء واعادة التذكير واحياء القيم وخصائص المرحلة ) وكيف يستغل خبراته المكتسب السابقة لاضافة قيم جديدة في مكان اخر ، وما هي الخبرات الجديدة او الدورات او التدريبات المناسبة لخبراته السابقة وقدراته والتي ان اكتسبها يكون قادر علي ممارسة ادوار اجتماعية او وظيفية اخري او حتي من اجل استمراره في ممارسة حياة ناجحة وسعيدة، متي يجب ان يتوقف ومتي يجب ان يجتهد ، ومتي يجب ان يطلب المساعدة والتوجيه والارشاد وممن يطلب المساعدة والتوجيه والارشاد ، متي يجب عليه ان يستريح واين ....... اشياء كثير وموضوعات كثيرة وخبرات كثيرة واحتياجات اكبر واكبر للتوجيه والارشاد والتقييم والتقويم والتعرف علي القدرات والذات يجب ان يخطط لها حتي يتعلمها الافراد قبل بلوغ سن التقاعد.
لن اتحدث عن الرحمة التي امرنا الله بها ولا عن حقوق الانسان ، بل النظر هنا هو لتنمية المجتمع الذي يحتاج لاستغلال كامل طاقته وموارد البشرية وكذا يحتاج الي تقليل المشاكل وتنمية روح المواطنة ورفع المعاناة عن المواطنين لتقوية الوحدة الاجتماعية، ولن اتحدث عن دور الايواء لكبار السن ولا مشاكلها ولن يكون مدخلي هو كيف نتعامل مع كبار السن والشيوخ والكهول فديننا الحنيف علمنا كيف نعاملهم وما يجب لهم ، ولكن مدخلنا هنا هو كيف نؤهلهم قبل بلوغ هذا السن بتدرج منطقي يحفظ لهم عزتهم وكرامتهم ويرشدهم ليستفيدوا هم اولا وليساعدونا ونساعدهم بسعادة .
اذا وجد هذا المركز فسيكون علي كل مؤسسة ان تتحمل مسؤليتها الاجتماعية في اعداد موظفيها للتقاعد وقبل بلوغ التقاعد بفترة كافية لا تقل عن سنتان ، يكون الفرد فيها علي علم تام بانه سيتقاعد في تاريخ محدد دون امل في عدم التقاعد حتي تزيد دافعيته وتركيزه في المقام الاول علي ماذا بعد التقاعد .
ان تعليم وتأهيل كبار السن متدرج وله طرقه ووسائله الخاصة وحساسيته المفرطة ولنذكر كيف علم سيدنا الحسن والحسين الرجل العجوز الوضوء دون ان يجرحوا مشاعره ، فعلوا مقامه ودفعوه الي التوقع ومعرفة اركان الوضوء هذا هو خلق الاسلام.
وبذلك فالرؤية لمنهج تأهيل التقاعد يجب ان تكون تحفيز الافراد المقبلين علي التقاعد ودفعهم الي توقع ودراسة واتخاذ القرارات المستقبلية وتوفير البيانات اللازمة لهذا التوقع.
وفي اعتقادي لو وجد مثل هذا المركز لحل الكثير من مشاكل المتقاعدين وكبار السن (يكفي التاهيل النفسي وحمايتهم من المخاطرة والمغامرة) وخاصة اذا تم دعمه من مؤسسات ومنظمات الاعمال والتي قد تجد في كثير من هؤلاء المتقاعدين يد العون في انجاز اعمالهم وتحقق لهم سعادة المشاركة والرضي النفسي او السلام النفسي , فاغلب هؤلاء المتقاعدين قد يكونوا فقدوا القدرة في اتجاه معين لا يتفق وادوارهم السابقة او ان طبيعة العصر والاعمال تحتاج لدماء جديدة ، الا ان المتقاعدون لديهم قدرات اخري متعددة تتناسب ومتطلبات ادوار اخري جديدة وفي اماكن واتجاهات اخري.
ولا ننسي فرحة الابناء والاحفاد والازواج وسعادة الاسرة بسعادة هولاء التقاعدين كبداية لتأهيلهم لمرحلة الكهولة والاسترخاء والراحة بصدر رحب وبسعادة وتعاون

الأحد، أغسطس 09، 2009

ادارة عموم الزير للدكتور حسين مؤنس

بما انه موقع اجتماعي هدفه الاصلاح الاجتماعي عن طريق التوضيح المباشر والغير مباشر لبعض المفاهيم السلوكية
ورغم انني كنت قررت قصر النشر والموضوعات علي كتاباتي الشخصية ، الا اانني وجدت نفسي مضطر لنشر هذه القصة الرائعة والتي وضحت معني البيروقراطية في ابسط معانيها الاجتماعية الساخرة
انها قصة ادارة عموم الزير لكاتبها الدكتور حسين مؤنس والتي وجدت نفسي معها غير مضطر لشرح او تفسير او توضيح مفاهيم اجتماعية كثيرة خاصة بالفرد وولي الامر واولي العلم .
فالي مجتمع القصة
ولنسئل انفسنا اين الرقابة الاجتماعية واين الوالي واين الشعب في مجتمع القصة :
تم نقل القصة من صحيفة الايام بالرابطة التالية

قراءة في قصة إدارة عموم الزير
«الأيام» متابعات:
الدكتور حسين مؤنس من كبار الأدباء والكتاب العرب في النصف الثاني من القرن العشرين, يمتاز بعمق الرؤية النقدية للواقع المعايش في العالم العربي، له مجموعة كبيرة من الكتب في مختلف المواضيع، وهو كاتب قصة مبدع.وفي عام 1975م نشرت سلسلة كتاب اقرأ المصرية في العدد 406 مجموعة قصص قصيرة مأخوذة من صميم الواقع المعايش، ومن أكثر هذه القصص ملامسة للواقع السيء الذي وصلت إليه أوضاع الناس في مصر والعالم العربي قصة: (إدارة عموم الزير) التي عرض فيها للفساد الإداري والاجتماعي، والآثار الوخيمة التي تترتب على وجود الفساد في أي مجتمع من المجتمعات.تبدأ القصة المأخوذة من التراث المصري كالتالي
ادارة عموم الزير
:«الناس في الولاية لايخاطبون الوالي إلا بـ(سيدنا) وكان يحب هذا الخطاب منهم، لأنه كان يحب الناس والناس تحبه، لأنه يعتقد أن سيد القوم هو خادم البلد وأهلها، وفي إحدى جولاته في مختلف مناطق الولاية، وكان الحر شديدا، وتصب الشمس أشعة من نار تلسع وتزهق الأنفاس، وقف الوالي وحاشيته يستظلون من أشعة الشمس تحت شجرة وارفة الظلال، فاسترعى نظره أن الناس تنحدر في سيل إلى النهر فيشربون الماء، ولاحظ المشقة التي يعانون من أجل أن يشربوا الماء، فنظر إلى أحد وزرائه فقال: أرى الناس يقاسون من العطش ألم تفكر في شيء يخفف عنهم مشقة النزول إلى النهر من أجل شربة ماء؟ فقال الوزير: سيدنا صاحب الأفكار النيرة والموهبة الخارقة يجب أن ننشئ صهريجا أو حوض ماء، لكن سيدنا قال إن خير الأمور أبسطها إذا قررنا إنشاء حوض ماء أو صهريجا مات الناس من العطش قبل أن يتم البناء، الأفضل وضع زير ماء تحت الشجرة، وزير الماء يجب أن يكون بحمالة وغطاء، ونظر الوالي العاقل إلى الحرس وقال ياصابر هذه عشرة دنانير اشتر بها زيرا واغسله واملأه ماء وضعه تحت الشجرة واختر أحد أصحابك ليساعدك في ملء الزير مرة بعد مرة، وأنت أيها الوزير عليك الإشراف على هذا الموضع، لأني أريد الزير أن يكون نظيفا دائما والناس يشربون منه ماء صافيا زلالا. أخد صابر الدنانير وذهب لشأنه وصار الوزير يكيل المديح لسيدنا، والله ما أعطاك الملك إلا لأنك أذكى الناس وأطيبهم وأكرمهم، تم حل أزمة الماء ببساطة وسهولة بواسطة زير بحمالة وغطاء، واسترسل الوزير في كلامه المزوق وسيدنا يعرف أن كله ملق ومداهنة.ومرت الأيام والشهور والأعوام وكان سيدنا الوالي يتحدث مع الوزير في شؤون البلاد فرأى زيرا صغيرا تحت الشجرة فالتفت إلى الوزير وقال: هل تذكر الزير الذي وضعناه تحت الشجرة ليشرب منه الناس، أما كانت فكرة لطيفة، وقال الوزير: لطيفة إنها فكرة عبقرية ياسيدنا لقد طورناها وعدلناها. ماذا؟ قال الوالي: ماذا تعني بتطويركم إياها؟! زير وغطاء وماء وكوز.. ماذا وكيف يمكن أن تتطور هذه؟! قال الوزير: سيدي تعرفون أننا دائما في تطور وتحسن نحن في مقدمة البلاد النامية، وكل شيء لابد أن يساير الزمن، فقال الوالي: وكيف ساير الزير الزمن؟ فأجاب الوزير بعد مدة: وجدنا الإقبال على الزير يزداد واستعذب الناس شرب الماء من الزير ذات مرة كسر الزير، وطلب صابر نقودا لشراء واحد آخر، ولكن رأيت أن الإقبال على شرب الماء من الزير يزداد والناس تتزاحم حوله، فقررت تحويله إلى مرفق عام شعبي، فأنشأنا غرفتين لصابر وزميله ووضعنا أثاثا بسيطا من أجل راحتهما، ووفقا للقواعد المالية تقرر إنشاء جهاز إداري للزير، لأن الدولة صار لها مبنى وأثاث، وعينا رئيس قلم، وكاتبين واحد للعهدة، وواحد للشؤون المالية، فتعجب سيدنا وقال: شؤون مالية، ماذا تقول يارجل؟! زير ماء وغطاء وكوز تصبح شؤونا مالية؟! فقال الوزير: حلمك ياسيدنا، للإدارة أصول وللضبط والربط قواعد والدولة لن تدع مالها وممتلكاتها سائبة، مادام للدولة مبنى لابد من موظفين وإدارة مالية، فاقتضى الأمر أن نفتح اعتمادا ماليا لمأمورية الزير، ووضعنا خزانة للنقود أودعناها سلفة، لأن الزير قد ينكسر، والغطاء يتلف، والكوز يضيع.فقال الوالي: ما شاءالله.. ماشاء الله.. ثم ماذا؟ فقال الوزير: إننا خدمك نسير في عملنا على أحدث الطرق في الإدارة والضبط المالي، لأننا سننتقل من عالم الدول النامية إلى عالم الدول التي تم نموها، قال الوالي: كنت تتكلم عن الإدارة المالية والخزانة والسلفة، نعم ياسيدنا لقد أنشأنا أربع إدارات فرعية إدارة للفخار وإدارة للحديد وإدارة للخشب وإدارة للصفيح، فقال الوالي: والماء ليس له إدارة؟ فقال الوزير: نعم ياسيدنا إنك صاحب الأفكار الذهبية، غدا بإذن الله ننشئ للماء إدارة، ثم ذكر الوزير أنه أمر بإنشاء مبنى بكلفة مائة ألف دينار من أجل إدارة عموم الزير، وقال الوالي: وماهو المبلغ المخصص لإدارة عموم الزير؟ قال الوزير: بالضبط لا أذكر، ولكن حوالي أربعين ألف دينار، لأن إدارة عموم الزير مرفق خدمات، الاعتبار الأول لما يؤديه للأمة من نفع، وفي سبيل النفع يهون أي مبلغ يتكلفه.فقال الوالي: ماذا عن الماء.. الماء.. قال الوزير: من أجل الماء ركبنا طلمبة حديثة لرفع الماء وتنقيته وفق أحدث الأساليب، وأن إدارة عموم الزير على اتصال مع مختلف دوائر الدولة، ومع وزارة الأشغال والخزانة والاقتصاد والخارجية والداخلية، فتعجب الوالي وقال: مع وزارة الخارجية، ماعلاقة إدارة عموم الزير مع وزارة الخارجية؟! من أجل المشاركة في المؤتمرات لأن إدارة عموم الزير أصبح لها شهرة عالمية، ومديرها يحضر مؤتمرات في باريس ولندن ونيويورك. قال الوالي: هل يوجد في الدول الأخرى إدارات لعموم الزير؟! قال الوزير: لا ياسيدنا نحن نفتخر بتجربتنا الرائدة، وراح يشرح كيف سنخرج من عنق الزجاجة وننتقل إلى طابور الأمم التي تم نموها.وفي اليوم التالي قرر الوالي أن يقوم بزيارة إلى إدارة عموم الزير وطلب من الوزير أن يلحق به هناك، وعندما وصل الوالي شاهد مبنى شاهقا فخما مكتوبا عليه بخط أنيق على مدخله، إدارة عموم الزير، وناس داخلين وناس خارجين وسيارات تتحرك وحركة كبيرة متصلة وعرض حالات وأوراق دمغة، فقال الوالي: أحيطوا بالمبنى فلا يدخل ولا يخرج منه أحد وعندما دخل المبنى طلب أن يأخذوه إلى مكتب المدير العام، ولم يجده في مكتبه ولكن وكيل الإدارة استقبله وراح يتدحرج أمامه فصادف رجلا طويل القامة عرف بنفسه أنه مدير إدارة الخشب فشاهد غرفة المدير وسكرتير الإدارة، والمكتب الفني، وغرفة خبير الأخشاب إلى آخره..إلى آخره.. فدخل الوالي إلى أحد المكاتب فشاهد خلية نحل مكاتب.. ومكاتب.. ومكاتب موظفين يقرأون الجرائد، وآنسات يقرأن المجلات الملونة ويثرثرن وفراشين ذاهبين بالقهوة والشاي والساندويتشات وآخرين عائدين بالصواني الفارغات، فشاهد الوالي أكواما من الأوراق عليها أوراق ودفاتر وسجلات، فتناول ورقة وقرأ عليها: كتاب من إدارة الحديد إلى إدارة الخشب، وآخر من إدارة الخشب إلى إدارة الحديد، فوجد أن مضمون الكتاب بشأن طلب الإفادة بتخانة خشب غطاء الزير للاسترشاد به في تحديد تخانة حديد حمالة الزير.وهنا وصل الوزير فقا له الوالي أين المدير العام؟ فقال إنه في بودابست، قال الوالي: كيف عرفت بهذه السرعة؟! فسارع أحد الواقفين وقال: إن المدير العام ابن شقيقة أخت الوزير وصهره، فقال الوزير: والله ياسيدنا ماعينته إلا لأنه المتخصص الوحيد في هذا المجال (يعني من أصحاب الكفاءات العالية) وأخذ الوالي ينتقل من مكتب لمكتب ومن غرفة لغرفة ومن طابق لآخر يتفرج ويتعجب وقال للوزير: الزير أين الزير؟ فقال الوزير: إنه في قاعته الخاصة ياسيدنا في الدور الأرضي، وحاول أحد أزلام الوزير أن يسبق الوالي الذي لاحظ ذلك، فناداه لاتسبقنا لا داعي لذلك، ففي الدور السفلي دخلوا قاعة واسعة متربة يغطي الغبار كل مافيها لها باب يفتح على الطريق من الناحية الخلفية من المبنى، وعلى الباب جلس موظف ينطق مظهره بالتعاسة، أمامه أربع مجموعات من الاستمارات بيضاء وحمراء وصفراء وزرقاء وإلى جانبه سجل ضخم مفتوح والموظف يتحدث مع صاحبه، قال الوالي: هذه قاعة الزير؟ فقال مدير الشؤون العامة: نعم إننا ننشئ الآن قاعة أخرى، قال الوالي: والزير، أين الزير؟ فنظر مدير الشؤون العامة ووكيل الإدارة أحدهما للآخر ثم إلى الوزير، ثم قالا: لاندري كان ينبغي أن يكون هنا، فقال الموظف الجالس إلى جانب الباب: أرسل الزير إلى الورشة الأميرية ياسيدنا، قال الوالي: منذ متى؟ منذ أربعة أشهر أو خمسة.. كان الماء يتسرب منه وجاءت لجنة من الخبراء فقررت نقله إلى الورش الأميرية لإصلاحه. فضرب الوالي كفا بكف، إذن هذا كله ولا زير؟! فقال مدير الشؤون العامة: الزير موجود فقط في الإصلاح، فنظر الوالي فوجد رجلا مسكينا هزيلا ينهض على كرسي غير بعيد من موضع الزير، فقال الوالي: صابرا؟! نعم ياسيدنا أنا صابر لقد كذبوا عليك ياسيدنا، الزير ليس هنا منذ سنتين، فقال الوالي: وأنت مالك شاحب الوجه ضعيفا كما أرى؟ قال صابر: إني لا أتقاضي مرتبا منذ سنتين ونصف ياسيدنا، إنني أموت جوعا.فقال الوالي: سبحان الله.. سبحان الله الوحيد الذي له عمل لا يتقاضى راتبا، وكل هذه الزنابير تتقاضى مرتبات، فالتفت الوالي إلى وكيل الإدارة العامة فقال: لماذا هذا لا يتقاضى راتبا؟ فقال: إن له إشكالا إداريا ماليا إنه ليس معه مؤهل علمي، لذلك لا نستطيع إعطاءه راتبا.فسار الوالي خطوات حتى جلس مهدود الجسم من هول الواقع الذي صدمه، قال: ياصابر تعود إلى قصرنا كما كنت لتتولى أمر الزير، وهذه العشرة دنانير لشراء الزير ووضعه تحت ظل شجرة ليشرب الناس منه الماء، ثم أصدر الوالي حكمه على الوزير بأن يدفع رواتب الموظفين الذين عينهم من ماله الخاص، وإذا نفد ماله فمن مال زوجته وأولاده وأقاربه الذين أكلوا المال العام سحتا في بطونهم». رحم الله الدكتور حسين مؤنس فقد أجاد في تصور الإدارة الفاسدة وما تحمله الدولة من أعباء مالية، ولعل الفاسدين يأخذون عبرة من ذلك ويعودون إلى رشدهم.. إنه الأدب الرفيع الذي يخدم الشعب.

السبت، أغسطس 08، 2009

رجاء

جميع الموضوعات بهذا البلوج مرتبطة ببعض وتدور حول مفهوم وفكرة واحدة فبرجاء عند الاقتباس او النقل الاشارة الي العناوين الاخري المتعلقة بالفكرة لتكتمل المنفعة (كل مجموعة عناوين تمثل موضوع واحد مرتبة عكسيا )
كما يرجاء دائما الاشارة الي مصادر المقالات والاعمال الاساسية مراعاة للامانة الادبية .

الاثنين، أغسطس 03، 2009

تصميم شعارات ( هيئة المواصفات والمقاييس والجودة )

وهذه النماذج كانت مصممة لمسابقة الهيئة السعودية للمواصفات والمقاييس والجودةوبالطبع تنفع لاي هيئة او مؤسسة مماثلة في الرؤية والرسالة
بقلم / اسامه قراعه


























































الأحد، أغسطس 02، 2009

تكملة تصميم الشعارات ( المؤسسة القطرية لحماية الطفل والمراة , مركز عبد الله عبد الغني التعليمي للقيادات الشابة , الجمعية السعودية للتصوير الضوئي )

مسابقة الجمعية السعودية للتصوير الضوئي

قمت بتصميم هذه النماذج للمشاركة
بقلم / اسامه قراعه





















مسابقة شركة اساس للمشروعات الصناعية
وهذه تصميماتها كما تخيلتها وساعدتني ادواتي والوقت (نصف يوم)



مسابقة مركز عبد الله عبد الغني التعليمي للقيادات الشابة ( راما )
وكانت هذه بعض من تصميماتها التي وصلت الي 60 نموذج














































تصميم انشطة الابداع والابتكار واكتشاف القدرات


بقلم / اسامه قراعه
هذا المقال ليس توضيح لرؤية او مفهوم جديد ، وانما هي فقط عرض لبعض الانشطة التي مارستها شخصيا دون سابق خبرة في هذا المجال ( التصميم والرسومات) ( تصميم الشعارات) واكتشفت من خلال المرور بتلك الخبرة انها ترتب الكثير من الافكار وتكسب القدرة علي الصبر والترتيب الاولويات وتقمص شخصية زبون الشعار والتركيز في متطلباته واهدافه ورؤيته . حتي وان لم يكن لدينا مفهوم علمي للرؤية والرسالة التنظيمية او المؤسسية فكونك تحاول تصميم شعار لهذه الموسسة تجد نفسك تسأل نفسك ماذا يجب ان يعبر عنه هذا التصميم ومن ثم تلتفت لاهداف المؤسسة وتفاصيل تصميمك ومكوناته ..... ليس شرط ان تصل الي تصميم احترافي او نموذجي فقط فالتدريب وتقمص فكر وحاجات للاخرين يكسبك الشعور بالاخرين بصفة خاصة من خلال تصميمك وبصفه عامة في تعاملاتك .
ما يمكن قوله حاليا انها خبرة متميزة وجديرة بتدريب الاطفال والشباب عليها ليس بغرض الاحتراف ولكن بهدف اكتساب خبرات القدرة علي التركيز وتفهم الاخر.
ساحاول عرض بعض اعمالي الخاصة التجريبية الغير احترافية في مجال تصميم الشعارات والتي حاولت الدخول بها بالفعل في بعض المسابقات ،الا انني بالطبع لم اكسب



اولا: مسابقة المؤسسة القطرية لحماية الطفل والمراة
وطبعا هذه الشعارات تنفع لاي شركة يكون اسمها ( امان او حماية ) او تعمل في مجال ( الامن والحماية ) بعد ادخال بعض التعديلات

ثانيا : مسابقة مركز عبد الله عبد الغني التعليمي

ثالثا : مسابقة شركة اساس للصناعات

رابعا مسابقة الجمعية السعودية للتصوير الضوئي

خامسا: الهيئة السعودية للمواصفات والمقاييس والجودة

وساقوم بنشر صور هذه التصميمات تباعا وفق لتوفر الوقت واليكم اولا


المؤسسة القطرية لحماية الطفل والمراة ( امان )